الأحد، 23 نوفمبر 2008

مفاهيم في الدافعية

د.

يعتبر موضوع الدافعية من المواضيع المهمة والحيوية في علم النفس بشكل عام، بسبب ارتباطها بالعديد من مجالات الحياة والمختلفة، مما جعل العديد من النظريات أن يتناولوا مفاهيم الدافعية وبناءها وسبل توظيفها في مجالات النمو والتعلم والصحة النفسية، وسوف نستعرض باختصار خلال هذه المحاولة المتواضعة للموضوعات التالية:
- استعراض للمفاهيم التي تتعلق بالدافعية.
- مدارس علم النفس والدافعية.
- نظريات الدافعية.
- توظيف الدافعية في العملية التعليمية التعلمية.
- خطة بحث بعنوان "علاقة أساليب التفكير بأسلوب العزو لدى عينة من طلاب كلية المعلمين في الدمام".



يحاول بعض الباحثين مثل أتكنسون Atkinson التمييز بين مفهوم "الدافع" Motive ومفهوم "الدافعية" Motivation على أساس أن "الدافع" عبارة عن استعداد الفرد لبذل الجهد أو السعي في سبيل تحقيق أو إشباع هدف معين، أما في حالة دخول هذا الاستعداد أو الميل إلى حيز التحقيق الفعلي أو الصريح فإن ذلك يعني الدافعية على أنها أصبحت عملية نشطة (خليفة وعبد الله،1997، ص17).


يذكر كل من ونبيركر وماكيلاند Weinberger & McCiland أن كلمة الدافعية: Motivation لها جذور لاتينية Movers والتي تعني: يدفع أو يحرك To move في علم النفس، حيث تشتمل دراسة الدافعية على محاولة تحديد الأسباب أو العوامل المحددة للفعل أو السلوك.

ولم تنحصر رؤية الباحثين حول المعنى المذكور للدافعية، وإنما اختلفت دلالتها بينهم، حيث تبين أن هناك العديد من التعريفات فقد أحصى كلنجينا وكلنجيناKleinginna & Kleinginna حوالي 98 تعريفا للدافعية، وترجع أغلب الاختلافات لتباين وجهات نظر الباحثين حول العديد من المصطلحات النفسية (خليفة وعبد الله،1997،ص17).

بينما قاما بملاحظة نقاط الاتفاق بين تلك التعريفات، وبينا ذلك بأنّ الدافعية حالة أو شرط داخلي (وصف أحيانا كحاجة need، رغبة desire، أو طلب want) والذي يؤدي لتنشيط السلوك ويحدد اتجاه (خليفة وعبد الله، 1997).

· الحالة أو الشرط الداخلي الذي ينشّط السلوك ويعطيه اتجاه.
· رغبة أو حاجة تنشّط وتوجّه سلوكا نحو الهدف.
· تأثير الحاجات والرغبات على قوة واتجاه السلوك.
· ويزود فرانكين Franke 1994 مكوّنا إضافيا في تعريفه: الإثارة، الاتجاه، والإصرار على أداء ذلك السلوك.

بينما ما زال وجود اختلاف حول العوامل التي تنشط السلوك من العوامل المحتمل التي تزوّد الفرد بالإصرار على فعل سلوك معين.

ويرى "ماكيلاند" McCiland ، أن الدوافع تتألف من توقعات نتعلمها بأن هذا الهدف سوف يستثير استجابات (إرجاعا) انفعالية إيجابية أو سلبية.وهكذا نجد أن الإنسان يسعى نحو الأهداف التي سبق له أن عرف أنها تثير اللذة لديه، ويتجنب ما سبق له أن وجده مؤلما، وبهذا المعنى يقول "ماكيلاند" McCiland : إن كل الدوافع متعلمة. فالاستثارة الوجدانية فطرية، ولكن التوقع مكتسب. وبهذا الشكل يبدو أن من الممكن تحوير مفهوم اللذة إلى نظرية عملية مفيدة (موراي،1988، ص23).





من الضروري أن نبين المصطلحين لكي نقلل الخلط بين مفهوم الدافع والانفعال ، فالانفعال Emotion يعرف بأنه حالة نفسية ذات صفة وجدانية قوية مصحوبة بتغيرات فسيولوجية سريعة وبحركات تعبيرية كثيرا ما تكون واضحة أو عنيفة. وللحد من هذا الخلط يمكن التمييز بينهما وذلك باقتصار وصف الانفعال على الاستجابات عندما تتصف بصفة "الوجدانية" أو "غير المعرفية"، أما الدوافع فهو (كالمثير) من فئة العوامل التي تؤثر في هذه الاستجابات، ومعنى هذا أن الدوافع قد تؤدي إلى حدوث استجابات "معرفية" أو "وجدانية"، وفي الحالة الأخيرة تسمى الاستجابات "بالانفعالات" ، فلا يصح أن يقال دافع الخوف، بل دائما نقول انفعال الخوف(أبو حطب وصادق،2000).
س
الانفعال ( هي ما يواجهه الشخص من إحساس بالإثارة غير المحدد ) وبهذا يختلف عن الدافعية في أنها بحاجة لهدف موجه يهدف لإشباعه . تحدث الانفعالات كنتيجة لتفاعل بين إدراك المثيرات البيئية، أم عصبيا فهي عبارة عن استجابات هرمونية لهذه الإدراكات (أعتبر المشاعر في أغلب الأحيان)، وتعريف معرفي موضوعي لهذه المشاعر (خلفية وعبد الله، 1997)


يفترض أكثر علماء الدافعية النظريين بأنّ الدافعية تشترك في كلّ الاستجابات المتعلّمة؛ حيث أن السلوك المتعلّم سوف لن يحدث ما لم يتم تنشيطه . أي إنّ السؤال الرئيسي بين علماء النفس ينحصر عموما حول ما هو أثر الدافعية motivation الأساسي أو الثانوي على السلوك.


عامل وجداني نزوعي يعمل عمله في تحديد اتجاه سلوك الفرد نحو غاية أو هدف - شعوري كان العلم به أو غير شعوري؛ هدف فعل، قاصر عادة على باعث للسلوك جيد للصياغة اللفظية قليلا أو كثيرا. اللفظ مستخدم بمعاني كثيرة، ونظريات الدافعية شاسعة التي تباين بعضها مع بعض. فالدافع ليس كيانا يمكن ملاحظته، بل تركيبة افتراضية واستدلال أو استنتاج به نحكي أو نخبر عن السلوك(دسوقي، 1990,ج2، ص901).

ويعرفه (الزيات، 1996) مثير داخلي شعوري أو لاشعوري بيولوجي أو سيكولوجي يحرك سلوك الكائن الحي ويوجهه مستهدفاً خفض حالة التوتر أو الاستثارة أو استعادة التوازن البيولوجي أو النفسي (الزيات، 1996، ص452). قد لا يكون داخلي ؟
ذكر فب تشابلن أن للدافع خمسة معان:
1- حال توتر في داخل الفرد توقظ السلوك وتبقى عليه وتوجهه نحو هدف ما.
2- التعليل الشعوري الذي يعطيه الفرد لسلوكه.
3- سبب لا شعوري للسلوك Unconscious Motivation(موراي،1988).
4- باعث Drive حيث استخدمت كلمة باعث للإشارة للدوافع الأولية Primary Motivation على أساسها الجسمي المعروف.
5- تهيؤ أي جهاز أو اتجاه يقود السلوك. وقد اختلف العلماء حول مفهوم الدافعية حيث أنه مشحون بعدد من التضمينات المستترة في الاستعمال الانجليزي العام ومن المصطلحات الجدلية في تراث علم النفس، مثل:
Determining Tendency, Appetite , Attitude, Disposition ,Emotion, Drive, End, Erg, Goal, Habit, Impulse, Need, Incentive, Instinct, Interest, Libido, Perforce, Set, Temperament, Urge, Valence (دسوقي، 1990,ج2، ص901)
كما تشير (دافيدوف، 1980) إلى أن استعمل علماء النفس كلمات مثل: "الدافع"، "الحاجة"، "الحافز" Drive- بمعنى الباعث-، "الغريزة" بطرق معينة. وكل هذه المصطلحات تعد تكوينات، وعمليات داخلية مفترضة يبدو أنها تفسر السلوك(دافيدوف، 1980، ص432).

يؤكد "أتكنسن" Atkinson أن الدوافع هي نزعة شخصية تظل عادة مستمرة، والدوافع لا تسبب سلوكاً، إلا إذا أثيرت بواسطة حوافز البيئة وتوقعات الحصول عليها وتحدد قيمة الحوافز كمية الإغراء لإنجاز المهمة وتعتمد على التقييم المعرفي. وقد تبدو مهمة مرغوبة جداً إذا كانت تخدم دافعاً معيناً، وقد تبدو أقل قيمة إذا لم تكن كذلك (بارون،2002،36).

الحافز يمثل الموقف الخارجي، المادي أو الاجتماعي، ويستجيب له الدافع. فالطعام حافز يستجيب له دافع الجوع. ووجود شخص يطلب العون ونستجيب له يحقق دافع اجتماعي، أو عاطفة الشفقة، كذلك وجود مكافأة أو جائزة هي بمثابة حوافز تستجيب لها دوافعنا المختلفة، فالدافع قوة داخل الفرد، والحافز قوة خارجه(راجح،1979، ص80).

أي أن الدافع هو بمثابة دافع للفعل، مضافا لدافعا آخر، خارجيا قليلا أو كثيرا، ينظم لدافع يعمل عمله من قبل، وهو الحافز تجاه هدف أو غاية. ويشير(بارون، 2002) على أن الحافز هو أي شيء يدرك على أساس أن له قيمة إيجابية أو سلبية لدفع السلوك، فرائحة الطعام، ورؤية شخص تحبه، أو التهديد بالعقاب. فمصطلح الحافز غالباً يحمل معنيين:
1- شيء خارجي يميل لإيقاظ الدافعية وللحافظ على سلوك موجه نحو الهدف.
2- ثواب خارجي في طريق تحقيق الهدف الأساسي. فكثير ما تخدم الاثابات اللاحقة التي تستخدم مع تلاميذ المدارس من أجل الإبقاء على عادات الاستذكار الجيدة مثلا؛ وتأتي بثلاث معاني:

أ- موضوع أو ظرف خارجي، يدرك على أن بإمكانه إرضاء دافع مثار يميل إلى أن يبعث الفعل لبلوغ الموضوع أو الظرف. كذلك تميل أغلب الحوافز أيضا لإيقاظ دافع ساكن أو حال باعث، فإذا كان حيوانا جائعا ( أي أن الدافع قد سبق إيقاظه)، فإدراك الطعام يثير توقع وميول السعي إليه. لكن إدراك ( بل حتى فكرة) الطعام ربما تثير دافع الجوع الساكن لديه، لذا فإن تزامن الحاجة والحافز معا تظهر قوة للدافعية.
ب - موضوع الهدف اللاحق الذي يبعث السلوك بنزوعه نحو بلوغ الهدف الأساسي أي شيء يزيد من الإرضاء الظاهر لهدف ما، مثل تقديم جائزة للصغير على مذاكرته الجادة. ويكون هذا المعنى مرادفاً تقريباً لمعنى الدافع من الخارج Extraneous motive.
ج- أية ناحية من البيئة يمكن استخدامها لتنشيط وتوجيه السلوك (دسوقي، 1990،ج1، ص693).

وللحافز أثر في عملية تنشيط الدافعية قد تفوق الباعث، حيث تنشط بعض الدوافع عن طريق الحوافز أكثر من الحاجات البيولوجية "البواعث" المعروفة. فالدافع الجنسي له تركيب بيولوجي معين، ولكن يثار عادة بمثير جنسي خارجي. والحاجة للإنجاز ليست حاجة بيولوجية أولية "باعث"، ولكنها دافع للحصول على بعض الحوافز. ولهذا فإن مدى تأثر السلوك بواسطة إلحاح حاجتنا البيولوجية أو بواسطة قوى الحافز الخارجية يختلف من دافع لآخر(بارون،2002،ص29).










محددات الحافز
أو الدافع
السلوك الاستهدافي
خفض حالة التوتر
الهدف المحقق
حالات الحافز
أو الدافع





يصنف (راجح، 1979) الحوافز لعدد من الأصناف، هي:
- حوافز ايجابية: وهي التي تجذب الفرد إليها كأنواع الثواب المختلفة، كأنواع المعززات المختلفة.
- حوافز سلبية: وهي التي يحاول الفرد تجنبها والابتعاد عنها كضروب الاستهجان والضرب أو العقاب، التي يمكن اعتبارها قوانين رادعة وزاجرة.


يعتبر دافع الجوع من الدوافع القوية التي تجعل الكائن الحي ينشط ويعمل لإشباع هذا الدافع وما يرتبط به. وتبدو قوة الدافع في سلوك الناس، حيث يسيطر الجوع على سلوك الفرد ويظهر في تفكيره وأحلامه. لأن النقص في المواد الغذائية يؤدي إلى فقدان الاتزان الذي يؤدي إلى احتراق الطعام المخزون في الجسم، مما يؤدي إلى زيادة الشعور بالجوع، فالجوع له أساس فطري عند الإنسان والحيوان، حيث أنه يرتبط ببقاء الإنسان، وقد يكون الجوع النفسي أمر آخر له تأثير مختلف (بارون، 2002، ص40).

مما يثير دافع الجوع لدى الإنسان هي شبكة من المجسات منتشرة في مناطق مختلفة بدءً بالفم والمعدة والكبد ومناطق مختلفة في الدماغ، الهيبوثلاموس الجانبي Lateral Hypothalamus(LH) الذي يعتقد العلماء "كروس مان" Crossman بأنه مركز تغذية الجسم، وأن الهيبوثلاموس الداخلي Ventro Medial Hypothalamus(VMH) يحتوي على المركز المبدئي للشبع (بارون، 2002، ص46).


لابد للإنسان لكي يعيش من تنظيم تناول الماء وتنظيم تناول الطعام، ويمكن للفرد أن يعيش بدون طعام لأسابيع، بينما لا يستطيع أن يعيش بدون ماء لأكثر لعدد من الأيام.

يعمل نقص الماء على خفض كمية كل من الدم والسوائل التي تحيط بخلايا الجسم وتزيد من درجة تركيز مركبات الكيميائية معينة في هذه السوائل، ومع عملية التناضح تزداد حاجة الخلية للماء، وتشير الدلائل إلى وجود هرمون الرنين Rrnin الذي يفرز من الكليتين إلى مجرى الدم ويسبب العطش كاستجابة لنقص كمية الدم وسوائل الجسم، ويعمل هذا الهرمون أيضا كأنزيم يحول أحد بروتينات الدم أنجوتنسين Angiotensinogen إلى أنجوتنسين واحد Angiotensinogen 1))، وخلال مرور الدم إلى الكليتين يتحول أنجوتنسين واحد إلى الأنجوتنسين اثنين Angiotensinogen 2)) والذي يؤدي إلى استجابات معينة في الهيبوثلاموس لتثير دافعية العطش.


تعتمد مظاهر دافعية تجنب الألم على خبرات النمو الطبيعية. تؤدي بعض الظروف الفسيولوجية المؤلمة إلى الانزعاج والألم لأنها تدفع الكائن الحي لعلاج هذه الظروف، ودلت التجارب على الحرارة، والتعب، والاختناق، لتنشيط الكائن للتخلص من تلك الظروف، والتعامل مع مصادرها، ونلاحظ أن الأسس الفسيولوجية للدافع تكون مكتسبة، مثل الاعتماد على المخدرات لتخفيض حدة الألم عند الفرد، علما بأن الإدمان عليها سوف يولد حاجات أخرى مما يضطر للاستمرار في تعاطيها(بارون، 2002، ص55).


عرف موراي الحاجة للإنجاز كدافع لإتمام شيء صعب أو للسيطرة أو للتلاعب أو ترتيب موضوعات فيزيقية أو بشرية أو فكرية، وعمل المرء ذلك بأقصى سرعة ممكنة بمفرده قدر الإمكان لتخطي العوائق والحصول على معيار مرتفع بحيث يتفوق وينافس ويتخطى الآخرين، وأن يزيد من الاعتناء النفسي لأداء المهارات الناجحة(موراي، 1988، ص190).

وقد لا حظ “ماكيلاند” McCiland أن الأفراد قويوا الحاجة لدافعية الإنجاز عالية نادرا ما يكونون قادة لمجموعات كبيرة من الناس. معللا ذلك بأن الأفراد في دافعية الإنجاز يقيمون عمل الأشياء ذاتها، وينجزون الأشياء بعلاقاتها بمعايير امتياز شخصية. كما وصفها "ماكيلاند" أن يكون إنجاز عند رجل واحد لا تحتاج تدخل الناس الآخرين كما يرى أن الناس الذين يقومون بقيادة منظمات كبيرة مندفعون برغبة في التأثير على الآخرين أكثر من الإنجاز ذاته.

ويعتبر أن قوة الدافع لديهم هي الرغبة في التأثير على الناس ولكن يوجد هناك نوعان مختلفان جداً من اتجاهات القوة هما:
- قوة الدوافع الشخصية: حيث يعتبرون حياتهم كما لو كانت تنظيم حاسب آلي. فالموضوع هو إلحاق الهزيمة بالمنافسين ويبحثون عادة عن هدف لكسب أو امتلاك أشياء ذات قيمة أو مكانة عالية، مثل بطاقات الائتمان الذهبية، أو الساعات الفخمة ويفضلون نوعاً معيناً من السيارات، ومن بينهم ممن يشربون الكحول وستخدمون المخدرات بكثرة، ويكونون عدوانيين بالكلام والفعل، أي أن أدوار القيادة بالعكس.
- قوة الدوافع الاجتماعية: يرغبون في استخدام القوة كوسيلة لإفادة الآخرين، وهدفهم المساعدة، والإثارة، أو نصخ الناس للبحث عن هدف عام وتسهيل عملهم للحصول على الهدف وهو أفضل من دفع الناس إلى الاستسلام (بارون، 2002، ص4).


لفظ يطلق في علم النفس الجشطلت على التأثير الجاذب أو الطارد للأشياء أو الفاعليات مثل لون المعادن أو اللمعان، أو التنبيه البصري في معنى استطاعة بعث أحاسيس ملونة براقة. ويطلق كورت ليفين لخصائص جذب وطرد التنبيه في المجال المحيط. التكافؤات إما موجبة أو سالبة عند ليفين التكافؤ الايجابي يعني الجذب والسلبي عدم الجذب تلك الخاصية لشيء أو منطقة في مجال حياة الفرد، فالهدف goal يعني الأمر كله بينما تكافؤ تعني خاصة الجذب للهدف ( دسوقي، 1990، ج2، ص1561).


يرى (دسوقي، 1990) أن الباعث يستخدم كمصطلح عام ليشمل الدفاعات الغريزية ونحوها، أو القوى الدافعة، التي تستحث حيوانا ما للنشاط الموجه نحو غاية معينة، نزعة كائن عضوي موقظة وموجهة للهدف، وتقوم على تغيير في العمليات العضوية. قد تتولد البواعث بالحرمان أو بظروف ضارة مؤذية تبعث على الألم. فالسلوك المقترن بالبواعث يوجه نحو إزالة الحرمان أو تفادي التنبيهات المؤذية. حالة نشاط افتراضية لكائن عضوي ما، أو لبعض أعضائه وأنسجته، هي ظرف ضروري قبل أن يبعث تنبيه معين صنف أفعال سلوكية، مثل ذلك المستوى بعينه من الجوع(باعث) لابد من وجوده قبل أن يبعث الطعام ( تنبيه) على الأكل ( استجابة). كافة الفعاليات الفسيولوجية المتساوية التي تعزز توالي تنبيه استجابة باسم منزلة أو حالة الباعث Drive State. ويقصد به الحال داخل الكائن العضوي المفترضة التي تنشئ سلوك الباعث. إن مثل هذه الأحوال يظن أنها تبلغ مستوى حرجا معينا قبل إثارة سلوك البحث عن الهدف. وقد يتكون من ظروف تحدث بالخلايا( خلوية) أو أحوال نيوترونات عصبية، أو عوامل محيطية موضعية، مثل جفاف انقباضات الفم أو المعدة (دسوقي، 1990،ج1،ص429).

كما أطلق ودورث وراجز Woodworth & Riggs عام 1972 على الأحداث الداخلية اسم الباعث، وهي حالات الإثارة التي تظهر نتيجة للحاجات البيولوجية. وافترض أن هذه البواعث تطلق على السلوك للحصول على ما هو مطلوب لخفض التوتر (بارون، 2002).

ويشير Atkinson لافتراض ولتر كانون Cannon حول مبدأ التوازن العضوي والكيميائي. أي الميل إلى الاحتفاظ بحالة من الالتزام الداخلي، الذي يصف كيفية عمل البواعث عند الكائن. وبالنسبة "لكانون" فإن الخفض في حاجة الجسم يؤدي إلى الإحساس بالتوتر، ومثل هذا الإحساس يقود الكائن لتصحيح هذا النقص. فمثلا، يطلق الجوع تقلصاته مزعجة للمعدة مما يجعل الكائن يبحث عن الطعام. ويمكن استنتاج نقطتين من الافتراض السابق:
1- أن الإثارة هي الطريقة التي يمكن للمجرب أن يستخدمها لدراسة البواعث والتحكم فيها.
2 – يمكن إدراج نظرية البواعث التي ذكرها "كانون" في إطار نظرية السلوكيين أي "المثير – الاستجابة". ويمكن تفسير البواعث كمثير حدث داخل الجسم يؤدي إلى استجابة معينة(بارون، 2002).

ويفترض في نفس الصدد "كلارك هل" Clark Hall عام 1943 بأنّ السلوك يحدث استجابة "للبواعث الأساسية" Basic Drive مثل: الجوع، عطش، اهتمام جنسي، شعور بالبرد، الخ. فعندما يتم إشباع الباعث سواء كان "غذاء، ماء، تزاوج، دفء" سوف ينخفض مستوى ذلك الباعث، على الأقل بشكل مؤقت ( دسوقي، 1990؛ دافيدوف، 1980).

ويضيف "هل" Hall أن كل السلوك تحركه بواعث هوميوستازية أو بواعث ثانوية تقوم عليها، وذهب "هل" Hall إلى أن كل أنواع الإثابة تقوم في آخر الأمر على خفض لواحد من البواعث الأولية الهوميوستازي الذي يحدثه الجوع. والإنسان أو حيوان المختبر، ويمكنه أن يتعلم استجابة ما من أجل أن يحصل على الإثابة (أو المكافأة). والأنواع الثانوية من الإثابة، من قبيل الاستحسان الاجتماعي، إنما يحدث مفعولها لأنها ارتبطت من قبل ذلك في الماضي بالطعام ونحوه من الأنواع الأولية من الإثابة(موراي، 1988، ص27).

بينما يميز آخرون حال الباعث العامة هذه عن الباعث النوعي المهين، ويمكن افتعال منزلة الباعث بخلق ظروف معينة مثل الحرمان من الطعام، تبديل درجة الحرارة.... وقد يسمى هذا إيقاظ الباعث Drive Arousal ويقصد به " تنشيط الباعث بظرف داخلية أو خارجية أو نمط باتحاد كليهما، أي اتحاد ظرفين خارجي بيئي أو من باطن الكائن العضوي ينجم عنه تنشيط باعث معين، وتنبيه إثارة الباعث هو تنبيه خارجي والذي من خلاله يمكن تنشيط الباعث الداخلي، مثال: رائحة الطعام توقظ باعث الجوع، بحيث يختلف عن Drive Stimulus الذي هو نتيجة حس باطني خاص( دسوقي، 1990،ج1،ص428).

ثم أن خفض الباعث يفترض أنه عامل يفيد في إجراءات التشريط التقليدي. لكن أصحاب نظرية التجاور أو التقارب Contiguity. ومن ناحية أخرى يقللون من أهمية خفض الباعث ويؤكدون على التقارب كأهم عامل في التعلم، وفي أغلب المواقف يكون كلا العاملين بدرجة ما فاعلا، وربما يكون من الصعب فصلهما تجريبيا ويقول “هل” أن التكافؤ + قوة المجال = تقريبا عزم الاستجابة Reaction Potential ( دسوقي، 1990،ج1، ص429).

ويمكن أن نستنتج أن الباعث هو العامل الذي يعتبر عادة المنشط في الدافع أو منبع الطاقة التي يندفع بها الدافع نحو جهة معينة يتم عندها تحقيق الغاية المطلوبة، أي تخفيض شدة الدافع وتلاشيه (تحقيق التوازن) حتى يتم ظهور مثير آخر(منشط)، والفرق بينه وبين الحافز، هو أن الحافز يتأثر بعوامل خارجية مثل كميته ونوعه وأهميته، مما يساعد على أن يتجه (يندفع) الفرد نحو ذلك الموضوع لنيله والحصول عليه، وبالتالي (يتحقق التوازن).أ ي أن الباعث: يدفع من الداخل فهو منبع الطاقة. والحافز: يجذب الفرد نحو تحقيق ذلك المعزز، فالدافع: دفعة في اتجاه معين، المحرك يتصرف لمعالجة حاجة عضوية، وإرجاع التوازن.



- اتجاه ينطوي على التعرف أو التقبل لشيء ما على أنه حقيقي.
- تقبل انفعالي لقضية أو مبدأ بناء على ما يعتبره المرء أساساً كافياً.
- تنظيم دائم للمدركات والمعارف حول أحد جوانب عالم الفرد.
- تنظيم دائم للعمليات الدافعة الانفعالية والإدراكية والمعرفية فيما يتعلق بأحد جوانب العالم.
- الاعتقادات من حيث الدافع محايدة. أما الاتجاهات فمع أو ضد بالنظر للهدف، كل اتجاه ينطوي على اعتقاد، وليس كل اعتقاد يؤدي بالضرورة لاتجاه(دسوقي، 1990، ص174).


دافع فطري زائدا استثارة انفعالية نوعية، الاستجابة التكيفية المعقدة التي لم تكتسب بالتعلم.
نمط مركب من الانعكاسات غير الشرطية، أو باعثاً باطنياً غير متعلم لفعل له غايته البيولوجية( دسوقي،1990، ص719).


الدافع اجتماعي مكتسب بالتعلم - مقابل الباعث الفسيولوجي. الدوافع الاجتماعية تتعلم وهي ليست حيوية من أجل البقاء، ولا توجد بعموم في كل الثقافات، بل تتوقف على ثقافة بعينها ويشبعه في جزء منه أشخاص آخرون، مثل : الحاجة للتأييد في مقابل الدوافع في الفسيولوجية التي يشبعها تغير في الوظيفة الفسيولوجية. غير أن الدوافع الاجتماعية والفسيولوجية تمتزجان غالبا أو عادة مثال : عند تناول الطعام مع الصحبة( دسوقي،ج2،ص1378)



- ظرف علامته الإحساس بفقدان واحتياج شيء ما.
- اقتضاء أداء فعل ما.
- افتقاد أو عدم اتزان في الأنسجة التي تبادىء بالسلوك.
- ويقول رينانو Rignano : شيء يقلب التوازن الأمثل رأسا على عقب.
- ويأتي بخمس بعاني:
1. مادة خلوية لابد أن تتوافر للكائنات العضوية كيما تبقى سليمة.
2. أكثر عموماً: أي عوز أو نقص يحس الفرد بأنه يضر راحته.
3. يعتبر أحد الدوافع.
4. نقص نسيج مفترض يقاس في حدود ساعات الحرمان من المادة المحتاج إليها.
5. باعث حيواني أو دافع فسيولوجي(دسوقي،1990، ص921).

الحاجة بمعناها الواسع تدل على حالة من النقص والافتقار أو الاضطراب الجسمي والنفسي، إن لم يتم إشباعها تولد نوعا من التوتر والضيق، وتزول تلك الأعراض بمجرد أن يتم إشباعها، أي أن الفرد يبحث عن إعادة التوازن(راجح، 1979).


هي الشعور بالميل نحو أشخاص أو أشياء معينة، كرغبة الطالب في الالتحاق بتخصص معين ، ورغبة الفرد في السفر لمكان معين، فالرغبة كما يقول (راجح، 1979) لا تنشأ من حالة نقص كما هي الحال في الحاجة، بل تنشأ من تفكير الفرد في موضوع معين وتولد قناعة باتجاهه أو إدراكه الأشياء التي يستحسنها في ذلك الموضوع. وبعبارة أخرى فالحاجة تهدف تجنب ألم في حين أن الرغبة تستهدف التماس لذة.

يعرفه (دسوقي،1990) باشتياق وحنين أو مطلب شعوري، أمنية شعورية بالتخلص من منبه أو موقف غير سار أو بغيض.
الشعور بالتفوق عادة مع عنصر مجاهدة فعالة لتبديل شأن من الشؤون يكون ناقصا أو زائدا أو غير مرتب. أقرب اصطلاحا سلوكيا لها هي الباعث Drive، ومرادفاتها هي Need, Wish, Appetite, Craving, Want.




تنحو نظرية التحليل النفسي، والتي تعود في أصولها ومعظم مفاهيمها إلى فرويد، منحى يختلف جذرياً عن مناحي النظريات الارتباطية والمعرفية والإنسانية، من حيث المفاهيم المستخدمة وتصورات إتباعها للإنسان وسلوكه وتطور شخصيته. فهي تستخدم مفهوم الغريزة واللاشعور والكبت عند تفسيرها للسلوك السوي وغير السوي على حدٍ سواء. ولما كانت هذه النظرية بالغة التعقيد، وتناولتها تعديلات كثيرة قام بها تلاميذ فرويد وإتباعه، فستقتصر على تناول أهم معالم هذه النظرية ذات العلاقة المباشرة بالدافعية الإنسانية.

يعتقد فرويد في نظريته المبكرة، أن معظم جوانب السلوك الإنساني مدفوع بحافزين غريزيين مهمين، هما حافز الجنس وحافز العدوان، ويؤكد على أهمية دور خبرات الطفولة المبكرة في تحديد سلوك الفرد المستقبلي، كما يطرح مفهوم الدافعية اللاشعورية Unconscious Motivation لتفسير ما يقوم به الفرد من سلوك دون أن يكون قادراً على تحديد أو معرفة الدوافع الكامنة وراء سلوكه هذا. ويفسر فرويد هذه الظاهرة بمفهوم الكبت Repression، وهي آلية نفسية يخزن بها الفرد ذكرياته وأفكاره ورغباته في اللاشعور Unconsciousness ليتجنب ضرورة بحثها على مستوى شعوري، لأسباب تتعلق بعدم توافر الفرص المناسبة لتحقيقها على هذا المستوى.

وطبقا لنظرية فرويد، يحدث نوع من التفاعل بين خبرات الطفولة المبكرة والرغبات اللاشعورية المكبوتة الناجمة عن حافزي الجنس والعدوان، حيث يقوم الآباء والراشدون الآخرون بمنع الأطفال من التعبير الحر عن السلوك المحدد بهذين الحافزين، الأمر الذي يكره هؤلاء الأطفال على كبت هذا السلوك وإيداعه في مخزن اللاشعور. بيد أن العملية لا تنتهي عند هذا الحد، فعمليات الكبت لا تؤدي إلى إنهاء فاعلية حافزي الجنس والعدوان وأثرهما في السلوك على نحو مطلق، بل يمارسان أثرهما في تحديد السلوك على مستوى لاشعوري، حيث يمكن التعبير عن الحاجات والرغبات والدوافع المكبوتة بأشكال سلوكية أخرى مقنعة، تتجسد أحياناً في ممارسته بعض أنماط السلوك التخريبي الموجهة نحو الذات أو المجتمع. لذلك يمكن تفسير العديد من الأنماط السلوكية، التي تبدو في ظاهرها غير سوية أو غير معقولة، بدوافع لا شعورية بعيدة عن إدراك الفرد ووعيه.

قد تبدو نظرية التحليل النفسي في الدافعية بعيدة الصلة بالتعلم والتحصيل، غير أن التدقيق فيما تقدمه من مفاهيم وتفسيرات لتطور السلوك الإنساني وآلياته، تساعد المعلم على فهم المزيد من لسلوك طلابه، وتمكنه من تحقيق تواصل أكثر فعالية معهم، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى إنجاز تعليم أفضل(نشواتي،1985، ص216).


يعتبر سكنر صاحب نظرية التعلم الإجرائي، فإنه كما يقول "كلاسمير" Klaus Meier لا يرى ضرورة لافتراض متغيرات متدخلة كالحافز لتفسير السلوك، علماً بأنه يقبل بمفهوم التعزيز كأساس للتعلم، ذلك المفهوم الذي ينطوي في ذاته على معنى الدافعية( نشواتي، 1985). ويستخدم عوضاَ عن ذلك مفهوم الحرمان Deprivation، ويرى أن نشاط المتعلم مرتبط بكمية حرمانه، حيث يؤدي التعزيز إلى تقوية الاستجابات التي تخفض كمية الحرمان، فالتعزيز الذي يتلو استجابة ما يزيد من احتمالية حدوثها ثانية، وإزالة مثير مؤلم يزيد من احتمالية حدوث الاستجابة التي أدت إلى إزالة هذا المثير، لذلك ليس هناك أي مبرر لافتراض أية عوامل داخلية محددة للسلوك. ويقتصر سكنر على أن الاستخدام المناسب لاستراتيجيات التعزيز المتنوعة، والتي يتم في ضوئها تحديد المعززات السلبية والإيجابية وجدول استخدامها، كفيل بإنتاج السلوك المرغوب فيه( نشواتي، 1985).
إن أهم ما تركز عليه النظرية هي المثيرات وهي بطبيعة الحال خارجية. فهل المثير هو بمعنى الدافعية في المدرسة السلوكية؟

لا يوجد بين مفردات المدرسة السلوكية مصطلح الدافعية، لأنها لا تهتم كما ذكرنا بالسلوك الداخلي للفرد وإنما تركز فقط على السلوك الظاهري الملاحظ واستبعاد الحالات الداخلية الوجدانية والعقلية والتي تعتبر الدافعية ضمنها، حيث يشير سكنر Skinner إلى أن وظيفة حرمان الحيوان من الطعام هي ليست لجعله جائعاً أو لكي يدفعه ذلك الجوع للحصول على الطعام، وإنما لجعل الطعام مدعماً لسلوكه، فعندما يجوع الحيوان نستطيع أن ندعم الرغبة في الأكل بإدخال تغييرات للدوافع بين الاستجابات المختلفة لكي نستطيع أن نبني سلسلة من السلوك، لأن كل تغير في السلوك يحتاج تقوية (تدعيم) ثانوي خاص به (بارون، 2002 ).

ومن بين الاتجاه التقليدي "ثورندايك" Thorndike الذي أشار في نظرية الأثر عن النشاط أو السلوك الهادف الغائي النشط الذي يهدف لتحقيق هدف ما. لكنه لا يقصد منه معنى الدافعية، بينما يمكن اعتبار السلوك النشط الهادف موازياً للدافع في النظريات الأخرى، الذي يمكن اعتباره بمثابة المثيرات الخارجية (حوافز) ومحاولة السعي لإشباعه من خلال أثر جيد. إذن ما الذي يدفعنا للعمل أو حتى لإشباع أشد الغرائز مثل حاجة الجوع والعطش؟

ليس هناك إجابة منطقية في هاتين النظريتين. ولعل هذا العجز في إدخال العمليات الوجدانية هي واحدة من جوانب النقص في السلوكية التقليدية. ولكن تلك الآراء أدت لظهور العديد من الآراء من بين العلماء السلوكيين يختلف عن الرأي السائد للسلوكية التقليدية، مثل السلوكية المعتدلة.




يعتبر "كلارك هل" Clark Hull من السلوكيين المعتدلين والذي يرى أن أي فعل يقوم به الكائن الحي تسبقه (أو تصاحبه) حاجة تدفع أو تحث الفرد لممارسة النشاط المرتبط به. حيث يعتبر الدوافع جزءً لا يتجزأ من التعلم، فبدون الدافع لن يحدث التعلم وإن ما يتعلمه الكائن الحي يعد وسيلة محدودة لمعالجة حالة الدوافع، ويعتبر "هل" أول واضعي نظريات التكيف وإن لم يكن يعلق أهمية كبيرة على مفاهيم الدوافع ومعاملتها بنفس طريق "بافلوف" Pavlov، ولكن بعد عدة أعوام قدم "هل" مصطلحين يعتبران من أهم مفاهيم الدوافع وهما الباعث ( D) والحافز ( K )، بجانب العادة (H) واللذان يجب أن يتفاعلا معاً لتحديد قوة الاستجابة الآلية، والمعادلة التالي تبين شكل التفاعل:

جهد الاستثارة = قوة العادة X الباعث X دافعية الحافز
Effective Reaction Potential
= H x D x K

علماً بأن "سبنس" قد أقترح على أسا س الدراسة التي قام بها "راموند" Ramond عام 1943 أن العلاقة الرياضية الصحيحة بين الباعث والحافز هي بالجمع وليس بالضرب كما يقول "هل"، أي أنه يجمع بين الباعث والحافز معاً، وناتج الجمع يؤدي إلى العادة، أي تصبح المعادلة بالصيغة التالية :
H = D + K
وقد أجريت العديد من التجارب لاختبار هاتين المعادلتين الأولى: معادلة "هل"، والثانية: معادلة "سبنس" Spence، وأتضح أن معادلة الجمع هي الأفضل من الضرب التي يفترضها "هل" ولقد أوضح "راموند" أنه عند تغيير الحافز يعتبر تأجيل التنشيط فإن D و K يتحدان معاً أي بالجمع، كما لوحظ أنه إذا اختلفت كمية التنشيط في هذين العنصرين، فإن الباعث والحافز يتحدان بالجمع. ولقد اتضح أنه كلما انخفض الباعث إلى الصفر فإنه يختفي تأثيره في إثارة الباعث، ولذلك فإنه يبدو أن معادلة الجمع تتطلب بعض التعديل لأنه إذا كان الحافز الخارجي K صفراً، فإن كمية الحرمان D الداخلي تصبح قادرة على إنتاج وإثارة الباعث الكلية (بارون، 2002، ص102). وهو ما يؤكده "هل" من أن لا يمكن أن يصدر الكائن الحي سلوكا معيناً في غيبة الباعث D، أو بمعنى آخر: دون أن يكون مدفوعاً بباعث من البواعث. ويتضمن التدعيم عند "هل" خفضاً في منبه الباعث، أو بمعنى آخر إعادة الكائن الحي إلى حالة التوازن Homeostasis (خليفة وعبدالله، 1997، ص93).

ومن الجدير الإشارة في هذا الصدد أن "هل" تأثر بأفكار السلوكيين التقليديين ظهر ذلك عند تفسيره للحوافز، على اعتبار أنها متعلمة وآلية. حيث بين آلية تكون الحافز والتي يعبر عنها بالمثير – الاستجابة (S-R) لكل حافز مرغوب فيه، وقد اقترح "هل" أن في أي عملية تعليمية آلية تكون الاستجابة الأخيرة هي التي تحدد السلوك وتعتبر هذه الاستجابة استهلاكية أو استجابة لهدف ويرمز لها بـ (RG) وبعد عدة محاولات من الأداء (التكرار) يتحول (RG) إلى حافز في صندوق الهدف ( صندوق الطعام) على شكل حرف T ، لأن الاستجابة الاستهلاكية (RG) لا يمكن حدوثها في أي مكان غير صندوق الهدف، وذلك لوجود الطعام فيه. يحافظ الحيوان على الاستجابات الاستهلاكية العديدة الصغيرة (rgs ) بالاقتراب من الحافز بما يميزه عن الاتجاه الآخر في المتاهة، وهو ما أطلق عليه "مورر" Mowrer "بالعاطفة الموجبة" وسماه "الأمل"، وافترض "مورر" أن الأمل يحفز أي استجابة يقوم بها الحيوان أو يبدأ في القيام بها(بارون، 2002، ص91)

حيث أن "مورر" يميل إلى أن التكرار الحادث للحوافز الخارجية تولد بواعث داخلية سماها "الأمل" تساعد باستمرار التحفيز وممارسة السلوك المطلوب.


كان سبنس من زملاء هل الأوائل وقد قام بإسهام كبير في نظرية هل وفي تعديلهـا ولذلك فكثيرا ما يستخدم تعبير الصياغـة الـتـي وضـعـه" هل وسبـنـس" Hull- Spence Formulation للدلالة على ذلك .ومـع أنـه تـوجـد أوجه شبه كثيرة بأعمالهما إلا أنه توجد بعض الاختلافات كذلك وهي :
-1 لم يتعامل سبنس بأسلوب هل النظري المنهجي مع أنه كان يركز في نظريته على المتغيرات المتداخلة .
-2 لم يعط سبنس للمتغيرات المتداخـلـة أي مـعـان إضـافـيـة تـقـوم عـلـى التأملات الفسيولوجية العصبية (الفسيوعصبية).
-3 لم يكن سبنس يؤمن بأن خفض التـوتـر شـرط ضـروري لـلـتـعـلـم فـي إشراط المكافأة الوسيلية .أما بالنسبة للإشراط الدفاعي الكلاسيـكـي فـإن الدراسات (التي جاءت بعد ذلك أوحت إليه بمثل موقف التعزيـز (الـتـدعـيـم) القوي هذا .
-4 كان سبنس أكثر حذرا مـن هـل بـصـورة عـامـة فـي تـعـمـيـم المـواقـف البسيطة على المواقف المركبة .والواقع أن سبنس كان حذرا جدا في تحديد الظروف التي كانت تتم فيها أعماله التجريبية تحديدا دقيقا .
وثمة إسهام رئيس لسبنس يتمثل في رأيه القائل بأن للاستجابة الهدف التوقعـيـة الجـزئـيـة ) rG ) خواص دافعـيـة . وكانت معـالجـة "هـل" الأولـيـة للمكافأة معالجة ارتباطية كما كان يربط متـغـيـرات المـكـافـأة مـثـل الحـجـم والتأخير بالعادة .وفي مراجعته للنظرية عام 1952 ظهرت الدافعية الباعثة مثلت تعديلا رئيسا على تلك النظرية .وقد تضمنت أراء سبنس النظـريـة عام 1956 المتعلقة بإشراط المكافأة الوسيلي الدافعية البـاعـثـة (K)مع أنه على النقيض من "هل" افترض وجود علاقة إضافة بين الحافز والدافـعـيـة الباعثة.
وقد أدت دراسة سبنس إلى مفهومي الحافز(D) والاستجابة الهدف الجزئية المتوقـعـة (K) أدت إلى إدخال تحسينات كبيرة على نـظـريـة المثـيـر والاستجابة، وساهمت تلك الدراسة كذلك في إثارة الاهتمام بـتـطـويـر نـظـريـة الدافعية فيما يتعلق بالانطفاء . وفي الستينات تابع سبنس تنقيح وتعديل نظريته على ضوء المعـلـومـات والدراسات الجديدة وتجدر الإشارة في هذا المجال إلى جهوده في مجال الإشراط الدفاعي الكلاسيكي .وفي مقالة من مقالاتـه الأخـيـرة قدم جوابا على التساؤل الخاص بالسبب الذي يجعل الحيوان والإنسان يظهران معدلات انطفاء مختلفة في الاستجابات الخاصة بإشراط اختلاج العين . (غازادا وكورسيني، 1986، ص78).


"أكد "ميلر" شأنه شأن "كلارك هل" على أهمية الدافع في عملية التعلم .والدافع عند "ميلر "مثير قوي يجبر الكائن على العمـل". ولكي يتم التعلم فلابد من حدوث خفض في حدة الدافع. لذلك فإن ميلر مثل "هل" حـافـظ عـلـى موقف مع يتمثل في خفض الدافع بالنسبة للتعزيز (التدعيم).

وكتابات "ميلر" لها أهميتها في تطوير مفـهـوم الحـوافـز المـكـتـسـبـة فالاستجابة الانفعالية تثير منفر يمكن أن تصبح طبقا للإشراط البافلوفي مرتبطة بمثير سابق محايد .ويترتب على هذه الاستجابة نتائج إثارة قوية يمكن لها أن تؤدي بالدوافع إلى العمل .ومن هنا فإن المـثـيـر المـشـروط فـي النموذج البافلوفي يمكنه أن يستدعي حالة من حالات الحافز .ومن المؤكد أن أعمال "ميلر" كانت عاملا من عوامل اتساع نطاق مفـهـوم الحافز .وبينما كان "هل" يؤكد أساسا على الحالات السيكولوجية الـنـاجـمـة عن ظروف الحرمان كان "ميلر" يؤكد على خواص الدافعية للمثيرات القوية بصورة عامة .ومن الطبيعي أن يؤدي هذا التأكيد إلى الكثير من الأبحـاث في مجال مواقف الإشراط المنفر" (غازادا وكورسيني، 1986، ص79).


يذكر (حجاج، 1986) في ترجمته لـ "مورر" أنه أكد شأنه في ذلك شأن " كلارك هل" على أهمية الخوف كدافع مكتسب والخوف هو استجابة شرطية كلاسيكية صيغ كمفهوم يـعـنـي تـوقـع الألـم ويخدم كدافع لتجـنـب الاسـتـجـابـة وقد طور "مورر" نظـريـة تـعـلـم ذات عامل افترض فيها أن الإشراط الكلاسيكي يتطلـب الاقـتـران بـ المـثـيـر الشـرطـي CS والمثيـر غـيـر الـشـرطـي UCS وافتـرض فـيـهـا كـذلـك أن الإشراط الوسيلي يتطلب التعزيز (التدعيم).وهذا الموقف يؤكد على أهمية كل من حفز الدافعية وخفض الدافعية وبالتالي فهذه النظرية ترتبط ارتباطا وثيقا بنظرية "هل" .

أما فيما بعد فقد اتجه "مورر" نحو نظرية تتخذ الحافز أساسا لها .ففي أثناء الإشراط تكتسب المثيرات معنى وتستدعي الاستجابات العاطفية (على سبيل المثال الأمل أو الخوف )التي تقود السلوك الغائي .ومثل هذا التغيير في التأكيد أمر معتاد في المراجعات التي طرأت على مـوقـف "هـل" والتي سبقت الإشارة إليها وهو الموقف الذي اتجه نحو النظرية التي تتخذ قاعدة دافعية تقوم على البواعث وليـس عـلـى الـدافـعـيـة الـتـي تـقـوم عـلـى الحافر" (غازادا وكورسيني، 1986، ص80).

وعلى الرغم من أن التفسيرات الارتباطية للدافعية، تقوم أساساً على النتائج التي تمخضت عنها بعض التجارب التي تناولت التعلم الحيواني، أي أنه يمكن اشتقاق بعض المبادئ المناسبة للتعلم البشري، فحالات الإشباع الناتجة من أداء استجابات معينة، واختزال الحاجة الناجم عن سلوك ما، والتعزيز المناسب والمباشر لأنماط السلوك المرغوب فيها، هي مبادئ تعلم هامة، ومفيدة في تفسير الدافعية واستثارتها عند الطلاب (نشواتي، 1985).


ترى التفسيرات الارتباطية والسلوكية للدافعية أن النشاط السلوكي وسيلة أو ذريعة للوصول إلى هدف معين مستقل عن السلوك ذاته. والاستجابات الصادرة من أجل الحصول على الإثابات أو المعززات تشير إلى دافعية خارجية Extrinsic Motivation والتي تحددها عوامل مستقلة عن صاحب السلوك ذاته، الأمر الذي يشير إلى حتمية السلوك وضبطه بمثيرات قد تقع خارج نطاق إرادة الفرد. أما التفسيرات المعرفية فتسلم بافتراض مفاده أن الكائن البشري مخلوق عاقل، يتمتع بإرادة حرة تمكنه من اتخاذ قرارات واعية على النحو الذي يرغب فيه "هنت" Hunt، لذلك تؤكد هذه التفسيرات على مفاهيم أكثر ارتباطاً بمتوسطات مركزية كالقصد والنية والتوقع، لأن النشاط العقلي كما يؤكده "زندن"Vander zanden يزود الفرد بدافعية ذاتية Intrinsic Motivation متأصلة فيه وتشير إلى النشاط السلوكي كغاية في ذاته وليس كوسيلة، وينجم عادة عن عمليات معالجة المعلومات والمدركات الحسية المتوافرة للفرد في الوضع المثير الذي يوجد فيه، وبذلك يتمتع الفرد بدرجة عالية من الضبط الذاتي (نشواتي، 1985).

فظاهرة حب الاستطلاع مثلاً، هي نوع من الدافعية الذاتية يمكن تصورها على شكل قصد يرمي إلى تأمين معلومات حول موضوع أو حادث أو فكرة عبر سلوك استكشافي، حيث يرغب الفرد في الشعور بفاعليته وقدرته على الضبط الذاتي لدى قيامه بهذا السلوك، وبهذا المعنى يمكن اعتبار حب الاستطلاع دافعاً إنسانياً ذاتيا وأساسياً. وقد أشار بعض الباحثين إلى ضرورة هذا الدافع وأثره في عملية التعلم والابتكار والصحة النفسية، لأنه يمكن المتعلمين، وبخاصة الأطفال منهم، من الاستجابة للعناصر الجديدة والغريبة والغامضة على نحو إيجابي، ومن إبداء الرغبة في معرفة المزيد عن أنفسهم وبيئتهم، ومن المثابرة على البحث والاستكشاف، وهي أمور ضرورية لتحسين القدرة على التحصيل.



تعنى النظرية الإنسانية بتفسير الدافعية من حيث علاقتها بدراسات الشخصية أكثر من علاقتها بدراسات التعلم، كما هو الأمر بالنسبة للنظرية الارتباطية والمعرفية. وتنسب معظم مفاهيم هذه النظرية إلى "ماسلو" Maslow الذي يرفض الافتراض القائل بإمكانية تفسير الدافعية الإنسانية جميعها بدلالة مفاهيم الارتباطيين أو السلوكيين، كالحافز والحرمان والتعزيز، رغم اعترافه بأن بعض أشكال السلوك الإنساني، تكون مدفوعة بإشباع حاجات بيولوجية معينة (نشواتي،1985، ص212).
يفترض ماسلو أن الدافعية الإنسانية تنمو على نحو هرمي لإنجاز حاجات ذات مستوى مرتفع كحاجات تحقيق الذات، غير أن هذه الحاجات لا تتبدى سلوك الفرد إى بعد إشباع الحاجات الأدنى كالحاجات البيولوجية والأمنية. لذلك يصنف ماسلو حاجات الفرد على نحو هرمي، ويحددها بسبعة مستويات، حيث تقع الحاجات الفسيولوجية في قاعدة التصنيف، بينما تقع الحاجات الجمالية في قمته، والحاجات هي:
1. الحاجات الفسيولوجية Physiological Needs
2. الحاجة للأمن Safety Needs
3. الحاجة للحب والانتماء Love and Belonging Needs( Social)
4. حاجات احترام الذات Self-Esteem Needs
5. حاجات تحقيق الذات Self-Actualization Needs


لقد تعرف باندورا Banduraعلى التأثيرات القوية للتعزيز والعقاب على سلوكيات الأفراد، لكنه اعترض على تصور التأثير التام للقوى الخارجية على الأفراد، بمعنى أن الأفراد مستجيبين سلبيين للتوافقات البيئية. ولقد طور النظرية المعرفية الاجتماعية كبديل لنظرية التعزيز الصارمة، والتي تفترض أن المعارف تتوسط تأثيرات البيئة على سلوك الفرد.

ولقد صرح باندورا أنه ليست هناك تأثيرات معرفية على السلوك البشري أكثر من أحكام الناس على استطاعاتهم لإنجاز أهداف معينة.




ترجع الخلفية الأساسية لنظرية العزو لعالم النفس الاجتماعي الألماني "هايدر" Heider في كتابه المنشور عام 1958 بعنوان "علم نفس العلاقات الشخصية" ( The Psychology of Interpersonal Relation). إذ يرى أن الإنسان ليس مستجيبا للأحداث استجابة آلية كما هو الحال في النظريات السلوكي، وإنما الإنسان يفكر في سبب حدوثها، وأن سلوك الفرد السابق والحالي هو الذي يؤثر على سلوكه القادم، وليس النتيجة التي يحصل عليها. وإن الأفراد يقومون بالعزو لأسباب النجاح والفشل، فإذا ما أدراك الفرد السبب فسوف يساعده في السيطرة على ذلك الجزء من البيئة، وكما يعتقد "هايدر" أن معتقدات الأفراد حول أسباب نتائجهم – حتى ولو لم تكن حقيقية- يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند تفسير توقعاتهم. وأشار إلى أن الأفراد يرجعون تلك الأسباب إما لعوامل خارجية External Attribution( بيئية) مثل الحظ وصعوبة العمل، أو إلى عوامل داخلية Internal Attribution (تتعلق بهم) مثل الجهد والقدرة(زايد،2002؛ مكلفين وغروس، 2002 ).

ويقول كل من "روس وفلاشر" & Flether "رغم أن هايدر لم يقم بصياغة نظرية خاصة به في العزو، إلا أنه ألهم عدداً من علماء النفس لمتابعة أفكاره الأصلية وتطويرها. وإضافة إلى استبصاراته المتعلقة بالأسباب الشخصية والموقفية للسلوك، قدم "هايدر" ثلاثة أفكار كان لها تأثير خاص على تطور النظرية في هذا المجال، وهي:

1. إننا حين نشاهد الآخرين يقومون بسلوك ما نميل إلى البحث عن خصائص نزوعية (ميول، دوافع أو رغبات) دائمة لديهم لنعزو إليها المسؤولية ما قاموا به من سلوك.
2. إننا نميز بين الأفعال المقصودة والأفعال غير المقصودة.
3. إننا نميل لأن نعزو السلوك لأسباب تكون موجودة لدى ظهور السلوك وتغيب بغيابه" (مكلفين وغروس، 2002، ص ص197- 198 ).

ويستنتج "ستبك" Stipek أن نظرية العزو تعتبر تنقية وإحكام لمفهوم مصدر الضبط Locus of control كما هو عند روتر، والتي تعكس ابتعاد عن نظرية التعلم الاجتماعي، حيث يفترض علماء نظرية العزو أن الأفراد يُدفعوا أساساً لفهم أنفسهم والعالم حولهم، من أجل تحقيق إتقان معرفي للبناء السببي للبيئة (زايد،2003).

فيفترض علماء العزو Bandura أن الأفراد يبحثون بصورة طبيعية عن فهم لماذا تحدث الأحداث، وبصفة خاصة عندما تكون المخرجات هامة أو غير متوقعة. فالطالب الذي يتوقع أن يؤدي بشكل جيد، لكنه كان أداؤه في الاختبار بشكل رديء، سوف يحاول الإجابة على السؤال: لماذا فشلت في هذا الاختبار؟ ومعنى ذلك أن نظرية العزو كما يقول "ستبك" Stipek تقلب مصدر الضبط رأساً على عقب. فبينما يدرس علماء مصدر الضبط توقعات الأفراد المرتبطة بالأحداث المستقبلية، يدرس علماء العزو مدركات سبب الأحداث التي حدثت بالفعل(زيدون،2003). هذا وسوف يتم استعراض بعض نظريات العزو، وهي:


تعتمد نظرية كل من جون ودفيز (Jones & Davis) لتفسير ظاهرة العزو على وصف منطقي يكمن وراء إدراكنا للأفراد الآخرين، حيث تفسر كيفية إدراك الفرد على الميول الداخلية Disposition والنوايا Intentions التي لدى الآخرين، وذلك من خلال ملاحظته لأفعاله Action أو المسالك التي تصدر من الآخرين وتأثيراتها Effects( العنزي، 1999).

تؤكد النظرية بأن لكل فعل عدة نتائج وليس نتيجة واحدة، ولذلك لا يمكن أن يدرك الفرد معنى واحد فقط لكل فعل، لأن معنى أي فعل يعتمد على نتائجه أو تأثيراته التي يحدثها في البيئة وليس على الفعل نفسه كسلسلة من الحركات العضلية، مثلا. والهدف الرئيسي لعملية العزو، حسب هذه النظرية، هو أن يستدل الفرد على أن السلوك المشاهد ونية القيام به تتوازيان مع خاصية داخلية في الشخص الذي قام بالسلوك.

وأهم مبدأ تقترحه النظرية هو مبدأ التأثيرات غير الشائعة Noncommon effects Principle. وهذا يتطلب من الفرد أن يقارن بين تأثيرات السلوك الذي قام به الفاعل وتأثيرات بدائله. فعلى الفرد أن يظهر العديد من المرجحات الداخلية والخارجية لقراره الذي سوف يتخذه. بحيث أن يستبعد المرجحات الداخلية، ويعتمد على المرجحات الخارجية، كسبب للاستدلال. فكلما زادت التشابهات بين نتائج الفعلين تضاءلت فرصة الوصول إلى استدلال متوازي، والعكس صحيح(العنزي،1999،ص120).

ما يلاحظ الفرد ما يستدل عليه الفرد
مرجحات
خارجية
النية

خاصية
خارجية

فعل
مرجحات
داخلية


المبدأ الثاني أنه كلما زادت المرغوبية الاجتماعية Social Desirability للفعل ضعفت ثقة الفرد في الاستدلال على خاصية داخلية في الفاعل، وذلك لأن الأفعال عالية المرغوبية الاجتماعية لا تدل على أن الفعل كان نتيجة لخاصية داخلية، أي أنه كل شخص سيقوم به. ولكن استبدل هذا المبدأ بمبدأ آخر يقول بأن السلوك الذي يخالف توقعات الفرد عن الفاعل هو الذي يؤدي إلى الاستدلال على وجود خاصية داخلية موازية للفعل ونية القيام به (العنزي،1999، ص120).


ما يلاحظ الفرد ما يستدل عليه الفرد

معرفة
خاصية
داخلية

النية

فعل


قدرة

نموذج الفعل – الخاصية الداخلية (Jones & Davis) في (العنزي،1999)

اعتبرت إسهامات هارولد كيلي Kelley,H الممتدة من العام 1973- 1980 أنجح المحاولات التي حاولت تجسيد منحى "العالم الغر" في نظرية علمية . حيث صاغ كيلي نظريته لوصف وتفسير كيفية وصول الفرد إلى عزو سببي لسلوك الآخرين وللأحداث البيئية ولسلوك الفرد نفسه. وهذا التصور يتخطى حدود النظرية الاستدلال المتطابق لجونز وديفز والتي ركزت على اكتشاف كيفية استدلال الفرد على ميل داخلي في الشخص الآخر من خلال أفعاله. حيث يركز كيلي في نظريته على كيفية توصل الناس إلى تفسيرات سببية، وعن كيفية إجابتهم لأسئلة تبدأ بكلمة "لماذا ؟" ، كما تتعامل مع المعلومات التي يستخدمونها لتوصلهم للاستدلالات السببية، ومع ما يفعلونه مع تلك المعلومات لاستخدامها للإجابة على أسئلتهم السببية.

يركز كيلي أيضاً على أن الفرد جزء من التفاعل الاجتماعي الذي يحاول تفسير أحداثه، وليس مستقلا عنه كما توحي بذلك نظرية الاستدلال المتطابق، أو ما عجزت عن توضيحه. فالفرد هو الوسيلة السببية، وهو العازي أيضاً، أي أنه مشارك في صنع الأحداث ومفسر لها في الوقت نفسه. فالعزو أولا له وظيفة تتمثل في إضفاء نوع من النظام والمتوقعية عليه نتائج تتعلق بإدراكه لذاته وانفعالاته(العنزي، 1999، ص125).

إن ما يمكن ملاحظته في تصور كيلي للعزو بأنه يعتمد على منظومات معرفية التي تتكون من الصور الذهنية والصور النمطية والنماذج السابقة، وهي بدورها تؤثر على معالجة الفرد للمواقف السببية أكثر من اعتماده على العزو السببي الذي تقترحه النظرية العزوية.


يذكر "ستبك" Stipek بأن مدركات أسباب المخرجات توصف بالعزوات السببية Causal Attributions وتشتمل المخرجات في سياقات الانجاز على الأداء في المهام أو الاختبارات. وهي التي تحدد المعاني والدلالات النفسية لكل حدث (العنزي،1999). إن أكثر عزوات مخرجات الأداء شيوعاً هي: القدرة والتي تعني لقد كان أدائي جيداً بسبب براعتي، لقد كان أدائي سيئاً لأنني غبي"، وأما المجهود فهو بمعنى "كنت محظوظاً، كانت المهمة سهلة، كان شرح المدرس سيئاً، ساعدني صديقي أو والدي قبل الاختبار، لم أكن في حالة جيدة، كنت متعباً أو لم أنم طيلة الليل، وهكذا. يمكن ملاحظة أن تتميز بعض الأسباب المدركة شخصاً عن غيره بدرجة كبيرة. حقاً يعرض الكثير جداً من العزوات للأداء السيء في صورة أعذار(زايد،2003).

ويرى واينر Weiner أن العزوات ذات الأسباب المحددة أقل أهمية في تقرير سلوك الانجاز من الأبعاد الأساسية (التي تفهم ضمنياً) للعزوات. حيث تمثل الأبعاد السببية التي وصفها أحكام وتنقية لبعد مصدر الضبط الداخلي / الخارجي لروتر. فلقد لاحظ واينر أنه سواء تم إدراك السبب على أنه داخلي أو خارجي، فإن ذلك لا يروي القصة كاملها، خاصة إذا كان الهدف هو التنبؤ بالسلوك في مواقف الانجاز. فمثلا، ادعى واينر أن عزوات المجهود والقدرة وكلاهما داخلي، لكن روتر نظر لهما على نحو متكافئ على الرغم من أن لهما تضمينات سلوكية مختلفة. فيرى معظم الأفراد أن المجهود يتم ضبطه من جانب الفرد، بينما لا يرون ذلك بالنسبة للقدرة. وتدرك كذلك القدرة بصفة عامة على أنها سبب ثابت نسبياً، بينما يختلف المجهود حسب الموقف(زايد،2003)

وبناء على ذلك يميز واينر بين الأسباب الداخلية المختلفة لمخرجات الانجاز بالنظر إلى ثباتها أو أمكانية ضبطها. إن أبعاد الثبات والضبط التي أضافها واينر إلى بعد الضبط الداخلي/ الخارجي الأصلي لروتر تسمح بكم اكبر من التنبؤات السلوكية المحددة من المعتقدات حول سبب التعزيز(زايد،2003).

وبهذا الصدد طرح كيلي Kelley "نموذج المخططات السببية" والتي هي عبارة عن أفكار جاهزة لتفسير السلوك بسهولة ويسر، والتي إليها يتم عزو النجاح والفشل، وتتطور المخططات السببية من خلال الخبرة، وهناك مخططان جرى بحثهما بشكل تفصيلي هما "الأسباب الكافية المتعددة" (Multiple sufficient causes) و"الأسباب الضرورية المتعددة" (Multiple necessary causes).

يمكن رد السلوك أحياناً إلى واحد من الأسباب الممكنة. ويرتبط هذا المفهوم بمبدأ آخر يدعى مبدأ الزيادة أو التقوية، ويقول هذا المبدأ: " إن دور السبب المعين يزداد قوة في نظرنا إذا وقع السلوك رغم وجود عامل معطل".

مثال ذلك إذا نجح طالب في الامتحان بعد وفاة أحد أفراد عائلته فإننا على الأرجح سنعزو نجاحه عزواً داخلياً (أي يعزو نجاحه لقدرته وما بذله من جهد) أكثر مما نلجأ إلى هذا العزو لو لم تحدث حادثة الوفاة.

أهمية توفر عدد من الأسباب الضرورية حتى يتحقق النجاح، حيث يمكن رد فوز المتسابق لعدد من الأسباب الضرورية _ اللياقة، التدريب، الحذاء المناسب...- التي يجب أن تتوفر جميعها، وحتى لو توفرت قد لا يكون النجاح مضموناً، ولكن غياب أي منها سيؤدي إلى الفشل الحتمي (مكلفين وغروس، 2002).

ووجدت كل من دراسة "وينر وفيذر ودافنبورت وسندر" أن أكثر الأسباب التي يذكرها الناس لنجاحهم وفشلهم هي: القدرة، والجهد، وصعوبة المهمة، والحظ أو الصدفة. وهذا يبين أن هناك أنماطاً معينة لعزو خبرات النجاح والفشل، وأنها ليست عملية عشوائية. وأن العديد من الدراسات وجدت أن هناك ميلا عاماً لدى الأفراد إلى عزو نجاحهم إلى أسباب داخلية ومستقرة خاصة بالفرد نفسه، وإلى عزو خبرات الفشل إلى أسباب خارجية، كما أكدت دراسة كل من ميلر وروس كرين ورد وكروف وآخرون إلى أن الأفراد يضخمون من أهمية الأسباب الداخلية لنجاحهم، وهذا ما نلاحظه عند حصول الطلاب على نتائجهم (العنزي، 1999).


صاغ أتكنسون نظرية في الدافعية ترتبط بدافعية التحصيل على نحو وثيق، مشيراً إلى أن النزعة لإنجاز النجاح هي استعداد دافعي مكتسب، وتشكل من حيث ارتباطها بأي نشاط سلوكي، وظيفة لثلاثة متغيرات تحدد قدرة الطالب على التحصيل هي:


الدافع

لإنجاز النجاح
احتمال
النجاح
قيمة
الباعث
يشير هذا الدافع إلى إقدام الفرد على أداء مهمة ما بنشاط وحماس كبيرين، رغبة منه في اكتساب خبرة النجاح الممكن، غير أن لهذا الدافع نتيجة طبيعية تتجلى في دافع آخر، هو دافع تجنب الفشل، حيث يحاول الفرد تجنب أداء مهمة معينة خوفاً من الفشل، حيث يحاول الفرد تجنب أداء مهمة معينة خوفاً من الفشل الذي يمكن أن يواجهه أثناء أداء تلك المهمة. ويمكن دافع إنجاز النجاح وراء تباين الطلاب في مستوياتهم التحصيلية حيث يرتفع مستوى الطلاب التحصيلي بارتفاع هذا الدافع، والعكس صحيح.


إن احتمالية نجاح أي مهمة تتوقف على عملية تقويم ذاتي يقوم بها الفرد المنوط به أداء هذه المهمة. وتتراوح احتمالية النجاح بين مستوى منخفض جداً ومستوى مرتفع جداً، اعتماداً على أهمية النجاح وقيمته ومدى جاذبيته بالنسبة للفرد صاحب العلاقة، فالطالب الذي يرى في النجاح المدرسي قيمة كبيرة، تكون احتمالية نجاحه كبيرة أيضاً، لأن قيمة النجاح كما يتصوره تعزز دافعية التحصيل لديه، غير أن بعد الهدف أو صعوبته أو انخفاض باعثه، تقلل من مستوى هذه الاحتمالية.

إن ازدياد صعوبة المهمة، يتطلب ازدياد قيمة باعث النجاح، فكلما كانت المهمة أكثر صعوبة، يجب أن يكون الباعث Incentive أكبر قيمة للحفاظ على مستوى دافعي مرتفع، فالمهام الصعبة المرتبطة ببواعث قليلة القيمة، لا تستثير حماس الفرد من أجل أدائها بدافعية عالية. فالفرد نفسه هو الذي يقوم بتقدير صعوبة المهمة وبواعثها(نشواتي، 1985،ص210).

المكوّن الثالث للدافعية في نموذج أتكنسون كان قيمة باعث النجاح. حيث يمكن تعريفه، أن يفتخر الشخص بالإنجاز. على سبيل المثال، قيمة الباعث سوف تكون الحصول على درجة A في الفصل الصعب بمثابة (فخر أكثر) بالمقارنة بنفس الدرجة في فصل سهل (وينير، 1992). افترضت قيمة باعث النجاح لكي تتعلّق باحتمال النجاح عكسيا (قيمة حافز = 1.0 - احتمال النجاح). على سبيل المثال، كالتوقّع للنجاح يرتفع ، كما في مهمّة سهلة، قيمة الباعث تهبط لأنها افترضت بأنّ الشخص لا يقيّم النجاح في مهمّة سهلة. بالطّريقة نفسها، لمهمّة صعبة حيث أنّ احتمال النجاح منخفضة، فقيمة الباعث كما يقول "إسليس" Eccles ستكون عالية في قيمة "أتكنسون" النموذجية للباعث التي كانت تؤثّر عليها، لكن في الاستعمالات الأكثر عمومية من تركيب القيمة، أصبح اعتقادا حول قيمة المهمة، ودرجة الأهمية، أو مستوى الاهتمام، فالعلاقة المعكوسة بين القيمة والتوقّع هي ما زالت قابلة للتطبيق. على سبيل المثال، الناس قد يقيّمون بعض المهن وبالخصوص التي ليس لها سمعة إيجابية براتب أكبر، وذلك بسبب صعوبة الإنجاز (واينر،1992).

إن الدافع لإنجاز والدافع لإنجاز الفشل مترابطان، فإذا كان الطالب مدفوعاً بالنجاح فسيحاول أداء المهام التي تكون احتمالية نجاحها مساوية لاحتمالية فشلها، وتكون قيمة باعث النجاح مرتفعة عند هذا المستوى من الاحتمالية، أما إذا كان الطالب مدفوعاً بالخوف من الفشل، فسيتجنب أداء مثل هذه المهام، وسوف يختار المهام الأكثر سهولة لتخفيض احتمالية الفشل، أو المهام الأكثر صعوبة، حيث يمكن عزو الفشل إلى صعوبة المهمة وليس إلى الذات(نشواتي، 1985، ص211).

يتضح مما سبق أن قدرة الطالب على التعلم والتحصيل مرتبطة إلى حد كبير بنزعته الدافعية إلى إنجاز النجاح، ولما كانت هذه النزعة مكتسبة أساساً، فمن الممكن القول بإمكانية تعديل تلك القدرة، فيمكن تعديل دافع إنجاز النجاح أو احتمالية قيمة باعث النجاح، وهذا سوف يؤدي في النهاية إلى تعديل قدرته على التحصيل الدراسي.

يتبين من العرض السابق للنظرية المعرفية، إنها تفضل تفسير الدافعية بدلالة متوسطات مركزية، كالدوافع الذاتية والاستطلاع والقصد والدافع لإنجاز النجاح وغيرها، حيث تؤكد هذه المفاهيم على التأكيد على حرية الفرد ومبادأته وقدرته على الاختبار وتوجيه سلوكه بالاتجاه الذي يرغب فيه.
غير أن هذا لا يعني أن المعرفيين لا يقرون بقوة الحاجات الفسيولوجية وقدرتها على استثارة السلوك وتوجيهه، وبأهمية المعززات للمثيرات الخارجية، لكنهم يرون أن هذه العوامل أو المفاهيم غير كافية لتفسير جوانب الدافعية الإنسانية جميعها، وبخاصة تلك الجوانب التي تنمو بعد مرحلة الطفولة المبكرة.



لماذا يعزو الفرد نجاحه لخصائصه الذاتية بينما يعزو نجاح الآخرين إلى عوامل خارجية، ويفعل العكس بالنسبة للفشل؟ ذهب كل العديد من الباحثين لتفسير تلك المشاعر، باتجاهين:
1. التفسير المعرفي للتحيز العزوي Cognitive Explanation For Attributional Bias
2. التفسير الدافعي للتحيز العزويMotivational Explanation For Attributional Bias.

ويذهب مؤيدو التفسير المعرفي "ميلر وروس" إلى أنه يمكن تفسير التحيز المعرفي العزوي بعمليات معالجة المعلومات. فمثلا، يتجه الناس عامة للنجاح ويتوقعونه أكثر من الفشل وهم يبنون توقعاتهم هذه على أساس من إدراكهم لقدراتهم، وعندما ينجحون فعلاً، تكون هذه التوقعات هي البارزة في أذهانهم كتفسيرات لذلك النجاح، أي أن وصفهم لأنفسهم يتأثر بتوقعاتهم. وهذا يبين أن الفرد يركز على نجاحاته أكثر من تركيزه على فشله، كما أنه يدرك قدراته ويعزو إليها النجاح، بينما لا يدرك ذلك مع الآخرين (العنزي، 1999).

أما بالنسبة لأهمية التفسير الدافعي للتحيز العزوي، فقد بينت دراسات "كيلي ومكيلا"، ودراسة "وينر وواري" عدد من التفسيرات بخصوص التحيز الدافعي العزوي، الذي يساعد في رفع مستوى تقدير الفرد لذاته (Self- Esteem )، ويساعده على إبراز صورة ايجابية لذاته عند الآخرين هو تقديم الذات( Self-Presentation)، مما يجعله أن يقي أو يخفف من الشعور بالذنب والخجل والتقصير كحماية للذات (Self-Protection) (العنزي، 1999).

ويضيف "واينر" Weiner أن الاستجابات العاطفية تختلف باختلاف خبرات النجاح والفشل، فعندما يعزو الفرد فشله إلى مرضه، (داخلي والتي لا يمكن التحكم به) أو يعزوه لقدراته (داخلية أيضا، التي يمكن التحكم بها) مما سوف يؤديان لنتائج مختلفة. فالعزو الأول سيخفف من تأثيرات الفشل العاطفية، وذلك لأن الفرد لا يستطيع التحكم بمرضه، بينما تأثيرات الفشل العاطفي بالنسبة للعزو الثاني (قدراته) تكون أكبر. وهذا ينطبق على عزونا لسلوك الآخرين السلبي نحونا إلى أسباب داخلية (نوايا الآخرين) سيؤدي إلى استجابات غضب شديدة، بينما نفس السلوك لا يثير تأثيرات عاطفية إذا عزوناه إلى عوامل خارجة عن إرادة ذلك الشخص الآخر. مثال: لو كنت واقفاً في طابور في البنك، وشعرت أن أحداً وكزك بقوة في جانبك، فاستجابتك تختلف باختلاف السبب الذي نوعزه لذلك السلوك، فالغضب يشتد (التأثيرات العاطفية) بسبب عدم مبالاة ذلك الشخص للآخرين، بينما يخف كثيراً إذا ما شعرنا أن الشخص الذي وكزك كان عاجز، فتعثر ولم يستطع التحكم بحركته. أي أن تأثرنا العاطفي يختلف إذا عزونا السبب، لعدم القدرة في التحكم به، أو بالعكس ، وهذا ينطبق على الأمراض والحوادث وغيرها(العنزي،1999). وكذلك ينطبق على المثل الشعبي "إليّ يجي من الله حياه الله" هذا النوع من العزو الذي يتمثل في الرضا بما يقدر الله للفرد والتسليم له، يجعل الفرد أقل تأثرا وشعوراً بالفشل والإحباط، شريطة أن لا يعلق كل فشله عليه.


إن تأثيرات نوع العزو على خبرات النجاح والفشل لا تقتصر على مشاعر الفرد الحالية، وإنما تؤثر كذلك على أدائه المستقبلي. حيث أكد كل من "ونر وأندرسون" تأثير عزو الفرد فشله لعامل مستقر (داخلي أو خارجي) على توقعاته المستقبلية لفرص النجاح والفشل. فاعتقاد الفرد بأن سبب فشله هو سبب مستقر داخلي سيؤدي إلى توقعات متشائمة لديه تستمر وتؤثر على مستقبله، أو كان سببه هو الآخر كذلك تؤثر على مستقبله. وسوف يزداد ذلك التشاؤم عندما يعتقد بأن السبب لا يمكن التحكم به أو تغييره، والعكس صحيح (العنزي، 1999). ولقد استخدم هذه القاعدة بنجاح العديد من الدراسات بهدف رفع مستوى دافعية الطلاب وأدائهم (العنزي، 1999).


من الضرورة معرفته هو هل أن الدوافع أم التوقعات تكمن وراء تحيز عزو الفرد الأسباب لعوامل داخلية أو خارجية؟ حيث بين كل من "روس وميلر" Miller & Ross أن الناس عامة يجتهدون للنجاح ويتوقعونه أكثر من الفشل، وهم يبنون توقعاتهم هذه على أساس من إدراكهم لقدراتهم واستعداداتهم، وعندما ينجحون فعلا، تكون هذه التوقعات هي البارزة في أذهانهم كتفسيرات للنجاح.

وفي نفس الوقت أكدت الدراسات "كيلي وميجيلا" Kelley & Michela أنه لا يمكن تجاهل الدوافع التي تكون وراء تحيز العزو، لأن التحيز العزوي كما يقول كل من "واينر وآخرون" Weiner et al و"ويري" Weary يرفع من تقدير الفرد لذاته، ويساعده على إبراز صورة إيجابية لها عند الآخرين، ويقي أو يخفف من الشعور بالذنب والخجل والتقصير( العنزي، 1999). لذا يفضل الفرد أن مثل هذا التحيز للحفاظ على سلامته النفسية ومن ثم يمارس مزيدا من الانجاز في المواقف المستقبلية.

وتؤثر التوقعات التي يطورها الفرد كذلك على اتجاه أو مركز الضبط، حيث أن الفرد يحدد درجة توقعه لاحتمال أن يؤدي سلوكه إلى تعزيز بفعل مجموعة من خبراته السابقة ذات العلاقة بالموقف أو المواقف المشابهة، وعليه فإن درجة توقع التعزيز في المواقف الجديدة التي لم يسبق لها مثيل، إنما تعتمد إلى حد كبير على التعميم من الخبرات السابقة في مواقف أخرى شبيه (السرطاوي والصمادي، 1996، ص417).


تؤكد هذه النظرية للدافعية الداخلية على الاستقلال الذاتي. ولقد اتفق علماء دافعية الانجاز أمثال: دوشارم DeCharms، وديسي، ورايان Deci & Ryan، وغيرهم، مع وايت White على أن الأفراد يدفعوا داخلياً لتنمية كفاياتهم، وأن مشاعر الكفاية Self-efficacy تزيد الاهتمام الداخلي بالأنشطة. إلا أنهم أضافوا حاجة فطرية أخرى هي الحاجة لأن يتمتعوا بالتقرير الذاتي Self – Determination. حيث يرى أصحاب هذه النظرية أن الأفراد يميلون بصورة فطرية للرغبة في الاعتقاد بأنهم يشتركون في الأنشطة بناء على إرادتهم الخاصة، أي بناء على أنهم يريدون الاشتراك بالفعل، وليس عن طريق فرض الاشتراك في الأنشطة عليهم.

ويفرق علماء هذه النظرية بين المواقف التي يدرك فيها الأفراد أنفسهم على أنهم السبب في سلوكياتهم، والتي يشيرون إليها بمصدر الضبط الداخلي، وبين الواقف التي يعتقد الأفراد أنهم يشتركون في سلوكياتها من أجل الحصول على المكافآت، أو إسعاد شخص آخر، أو نتيجة إرغام خارجي يتعرض له الفرد، والتي يشيرون لها بمصدر الضبط الخارجي Locus of Control . حيث ترى النظرية بأن الناس أكثر حباً لأن يدفعوا داخلياً للاشتراك في نشاط عندما يكون مصدر الضبط لديهم داخلياً، عنه عندما يكون خارجياً .

ووفقا لهذا التوجه فإن أداءات الدافعية تكون ذات تحديد داخلي، يقوم بها الفرد باختياره وبإرادته، وتصدق مع إحساسه بذاته، وذات تجديد خارجي عندما تكون مفروضة من قوى شخصية أو نفسية خارجية (زايد، 2003،ص77).


كان مفهوم العجز المتعلم Learned Helplessness الذي قدمه سليغمان Seligman عام 1975 يقصد به "أن الأفراد الذين يخضعون إلى الألم الذي لا مهرب منه، أي الصدمة أو الخبرة غير المتوقعة (المهمة الأولى) تكون نوع من العجز، ونوع من الانقباض (الاكتئاب) وهو العجز الذي يعمم على المواقف التالية (المهمة الثانية)". لذا فإن الشخص المعني يعجز عن ممارسة التحكم في المواقف حتى ولو كانت لديه في الواقع القدرة على جهد التحكم. وهذا الشعور بالعجز، أو عدم القدرة على التحكم يمكن النظر إليه ضمن إطار مفاهيم التعلم الاجتماعي المتعلقة بالتوقعات الخاصة وقيم التعزيز وتعميم التوقع والتحكم الداخلي والخارجي في التعزيز(غازدا وكورسيني، 1986، ص239 ؛ Encarta,2003).

وقد أكد رأي كرمويل Cromwell على علاقة النجاح والفشل بالعجز المتعلم لدى الأطفال المتخلفين عقلياً، إن عدد كبير من الأطفال المتخلفين عقلياً يصبحون وهم يتوقعون الفشل. وانطلاقا من هذا الافتراض استطاع كرمويل أن يوضح أن استمرار النجاح سيحدث المزيد من نجاحات الأداء الأولى، عند الأطفال المتخلفين مقارنة بالأطفال العاديين (نصيف، 1986)، أي أن الطفل من خلال تدعيم النجاح لتلك الممارسات، تجعله يرغب بتكرار ممارسات أخرى شبيه. وأن خلق مثل هذا الشعور كما يقول رببورت Rappaport بأنه قادر على النجاح سيؤدي إلى سلوك أكثر نشاطاً وأقدر على التحكم (غازدا وكورسيني، 1986، ص248).


يعتبر مركز الضبط من المفاهيم التي ظهرت حديثاً والذي يلعب دوراً بارزاً وحاسماً في شخصية الفرد وتقرير سلوكه نحو المثيرات البيئية. و تعتبر سمة اتجاه الضبط بؤرة كبيرة ومفتوحة لبحث العلاقة بينها وبين السلوكيات المختلفة، الاتجاهات، وخصائص الشخصية.

لذا يعتبر كلاسر Glasser دراسة مركز الضبط لدى الأفراد من الأهمية بمكان لكونه من المتغيرات الرئيسة في تحديد فعالية الفرد في كيفية التعامل مع البيئة المحيطة(السرطاوي والصمادي، 1996، ص418).

لقد كانت المحاولة الأولى لقياس الفروق الفردية في الاعتقاد في الضبط الخارجي بوصفه متغير سيكولوجي من جانب "جيري بيرس" 1957 Jery Phares في دراسته لتأثير مواقف الصدفة مقابل مواقف المهرة على توقع التدعيم (إبراهيم،1989).

وقد ارتبط هذا المفهوم بشكل عام بنظرية التعلم الاجتماعي، التي تحاول فهم السلوك الإنساني من خلال المواقف المعقدة التي تتضمن التفاعل ما بين الفرد المدرك والبيئة بمعناها الشامل. وكذلك ركزت على دور التعزيز في تقدير مستقبل سلوك الفرد. لذا شاعت مفاهيم هذه النظرية وانتشرت تطبيقاتها في مختلف الميادين التي تهتم بالسلوك الإنساني، كمواقف التعلم، ومواقف العلاج الإكلينيكي، وتعديل السلوك، وتفسير حالات الفقر، والتعصب، وغيرها من القضايا الاجتماعية الأخرى (غازدا وكورسيني، 1986).

ومصطلح موضع أو مركز الضبط Locus Control الذي اشتق من نظرية التعلم الاجتماعي صاغه في الخمسينات "جوليان روتر" Julian Rotter عام 1954على شكل نظرية تقوم على فرض أن السلوك المكافأ يحتمل أن يتكرر أكثر، وأن سلوك الفرد موجه بدرجة أساسية عن طريق استجابته لعوامل البيئة التي تمده بإشباع الحاجات، كما أن الأحداث الماضية في حياة الفرد ذات أهمية، إذ يتعلم منها الفرد أن يسلك طرق خاصة لكي يحصل على المكافآت (إبراهيم، 1989، ص115).

ومن المفاهيم الأساسية لنظرية التعلم الاجتماعي التي تتعلق بمركز الضبط، هي:
1. جهد السلوك Behavior Potential : وهو إمكانية حدث سلوك ما في موقف ما من أجل تعزيز واحد أو مجموعة من التعزيزات. وهو مفهوم نسبي، إذ أن الفرد يقدر إمكانية حدوث أي سلوك بالارتباط مع بدائل أخرى.
2. التوقع Expectancy: وهو الاحتمال الذي يضعه الفرد بأن تعزيزاً معيناً يحدث كدالة لسلوك معين يصدر عنه في موقف أو مواقف معينة.
3. قيمة التعزيز Reinforcement: وهي درجة تفضيل الفرد لحدوث تعزيز معين إذا كانت إمكانيات الحدوث لكل البدائل الأخرى متساوية.
4. الموقف النفسي Psychological Situation: وهو البيئة الداخلية أو الخارجية التي تحفز الفرد، بناء على التجارب السابقة، كي يتعلم كيف يستخلص أعظم إشباع في أنسب مجموعة من الظروف (إبراهيم، 1989).

وقد ذكر روتر Rotter أن تأثير التعزيز الذي ورد في المفاهيم السابقة، أنه ليس بسيطا ولكنه يعتمد على ما إذا كان الفرد يدرك أن هناك علاقة سببية بين سلوكه والثواب الذي يحصل عليه. ويختلف هذا الإدراك من فرد لآخر، كما يختلف أيضاً في ذات الفرد باختلاف الوقت واختلاف المواقف، فالفرد الذي يدرك السببية بين سلوكه والتدعيمات التالية سواء كانت ايجابية أم سلبية ينشأ ليد اعتقاد في الضبط الداخلي، وبالتالي فإنه يعتبر المهارة لها دور ككبير في تعلمه أساليب السلوك المختلفة في أي موقف، أما الفرد الذي لا يدرك العلاقة السببية بين سلوكه والتدعيمات التالية فهو من المعتقدين في الضبط الخارجي، ولذا يعتبر أن الصدفة Chance لها دور كبير في تعلمه أساليب السلوك المختلفة في أي موقف (إبراهيم، 1989، ص116؛ زايد، 2003).

ويضيف "ستبك" Stipek أن التوقعات التي تتعلق بالتعزيز لا تنحصر في موقف محدد، بل يمكن تعميمها في مواقف أخرى مشابهة، ويشير روتر إلى أن الأفراد يعممون المعتقدات بالنظر إلى توافق التعزيز كما هو الحال في مصدر الضبط Locus of control سواء الداخلي أو الخارجي(زايد، 2003).

ويقول روتر Rotter إن الشخص ذا الضبط الداخلي يدرك أنه يتحكم في قدرته ومجهوده والمكافآت التي يحصل عليها. في حين أن الشخص ذا الضبط الخارجي يدرك أن هناك قوى أخرى (خارجة عنه) هي التي تحدد له ماذا يفعل. وعموماً نتوقع أن توزيع الأفراد على هذا التركيب الشخصي يقع على خط متصل يبدأ بالضبط الداخلي (أشخاص يتحكمون في الأحداث وفي حياتهم) ويمتد إلى الضبط الخارجي (أشخاص يعتمدون على الحظ والنصيب وقوى أخرى) (إبراهيم، 1989، ص116؛ السرطاوي والصمادي، 1996).

هذا وقد وجد الباحثون أن الأفراد ذو الضبط الداخلي أكثر احتمالا لعمل إزاحات منطقية ومعقولة في مستويات طموحهم، وأكثر ثقة في قدراتهم، وأكثر استغلال للبيئة، وأكبر حبا وقبولا للأنشطة الاجتماعية، وكنتيجة عامة من هذا الأبحاث، أنه في معظم الحالات يتميز ذوي الضبط الداخلي بخصائص شخصية متكيفة وإيجابية، في حين ذوي الضبط الخارجي ليسوا كذلك (إبراهيم، 1989،ص116).

كما ركز روتر Rotter في نظريته على معتقدات الأفراد عن الأسباب (مصدر الضبط داخلي أو خارجي) التي أهلتهم لنيل أو عدم نيل تلك المكافأة. ويكون الطلاب أكثر احتمالية لتكوين ضبط خارجي في المواقف التي تكون فيها المكافآت (التقديرات مثلا) غير مرتبطة مباشرة بالمهارة أو الأداء، وينطبق ذلك في حالة ما إذا كانت الاختبارات سهلة جداً أو صعبة جداً بحيث تؤدي مستويات الأداء المختلفة إلى الحصول على نفس المكافآت، أو أن تمنح مكافآت مختلفة لنفس المستوى من الأداء، وعندها يدرك الطلاب في هذه الحالة أن تلك المكافآت غير مرتبطة بأدائهم.

إن تلك المعتقدات التي تكونت في الفترة السابقة سوف تؤثر على الطالب بداية الفصل الدراسي الجديد، عندما يقوم باستخدامها كتعميمات، فمن خلال تكرار خبرة الفشل بصرف النظر عما بذلوه من جهد، ينمو لديهم اعتقاد بأن النجاح لا يتوافق مع الجهد. وربما ينطوي هذا الاعتقاد المعمم على معلومات متناقض. وإذا تكونت تلك المعتقدات فمن الصعب أن تتغير(زايد،2003).


لقد طور واينر من بعد روتر الضبط ( الداخلي/ الخارجي) لثلاثة أبعاد منفصلة، هي:
- المصدر "الموضع Locus
- الثبات "الاستقرار" Stability
- الضبط أو التحكم Control

حيث يشير البعد الأول الذي يطلق عليه بالمصدر "الموضع" Locus في نظرية روتر إلى مصدر Course السبب، الذي يعبر عما إذا كانت المخرجات تتوافق مع خصائص أو سلوك الفرد (داخلي) تتعلق بالفرد نفسه أو مع متغير خارجي آخر يتعلق بالظروف المحيطة. ويهتم بعد الضبط بدرجة تحكم الفرد في السبب. فنحن نستطيع أن نتحكم في مقدار الجهد الذي نبذله، بينما من المفترض أننا لا نتحكم في حظوظنا(زايد،2003).

أما البعد الثاني "الاستقرار" Stability ويتميز فيما بين الأسباب على أساس ديمومتها أو استمراريتها Duration. فالقدرة كمثال تعتبر ثابتة نسبياً عبر الزمن، بينما المجهود، والحظ، أو الحالة المزاجية يمكن أن تتغير في أية لحظة(زايد،2003). فالأسباب المدركة قد تكون مستقرة يصعب تغييرها (الاستعدادات والقدرات) وقد تكون متغيرة من موقف لآخر (الصدفة أو الجهد المبذول)(العنزي،1999).

ونتيجة للدراسات العديدة، اقترح واينر Weiner البعد الثالث الجديد (إمكانية التحكم Controllability)، ويعني أن الأسباب يمكن التحكم بها (الجهد) أو لا يمكن التحكم بها (الذكاء)(العنزي، 1999). إن إضافة البعد الثالث المكمل للبعدين الآخرين، تتضح أهميته خلال إبراز أن الأسباب الداخلية، أو الخارجية يمكن التحكم بها أو لا يمكن التحكم بها، كذلك الثبات قد يكون علياً أو منخفضاً، ويورد واينر جدول لتوضيح هذا الأمر.

المصدر

خارجي
داخلي
الاستقرار
عالي
منخفض
عالي
منخفض
التحكم عالي
مسئوليات اجتماعية دائمة
إرباك بسبب الآخرين / مساعدة غير متوقعة
عادات
الجهد المبذول
التحكم منخفض
صعوبة المهمة
ظروف طارئة الحظ / الصدفة
القدرة الاستعداد
المزاوجة أو الرغبة
عدد من الإعزاءات ( الأسباب المدركة) وموقع كل منها على الأبعاد العزوية الثلاث Weiner في (العنزي، 1999).

إن العديد من الدراسات كل من واينر وآخرون وفريز Weiner at al Frieze & وواينر Weiner وفريز وسيدر Frieze & Sayder أثبتت أن الأفراد يعزون نجاحهم إلى أسباب داخلية ومستقرة، بينما يعزون خبرات الفشل إلى أسباب خارجية مختلفة الاستقرار(العنزي، 1999). إلى جانب ذلك دلت العديد من الدراسات كل من كروف وآخرونGrove at al كرين ولد Greenwald وميلر وروس Miller & Ross أن الأفراد يضخمون من أهمية الأسباب الداخلية لنجاحهم, ويقللون من أهميتها في نجاح الآخرين، ويحدث عكس هذا هذه العلاقة عندما يفسرون فشلهم وفشل الآخرين( العنزي، 1999 ).وقد أطلق ميلر وروس على ميلنا إلى رد الفضل لأنفسنا عندما تسير الأمور على ما يرام والى إنكارنا للمسؤولية عندما يسوء الحال، أطلقا عليه مصطلح "التحيز الخادم للذات" (Self-Serving Bias ) وقد أظهرت الدراسات وجود هذا التحيز في دراسات عدة، منها:

· دراسة لو ورسل Lau & Russell التي بينت أن لاعبي كرة القدم والمدربين يميلون إلى رد الفوز إلى أسباب تتعلق بهم كالعزم والتصميم في حين أنهم يردون الفشل إلى الإصابات البدنية التي قد يتعرضون لها أو إلى سوء الحظ.
· وقد بينت دراسة غيلوفيشGilovich أن المراهقين يعزون ربحهم في المضاربات إلى قدرة الفريق الذي راهنوا عليه، أما الخسارة فيعزونها إلى الحظ أو إلى أخطاء المحكمين أو إلى ظروف غير متوقعة.
· ويؤكد جونسن وزملاؤه Johnson et al في التجربة التي طلبوا فيها من بعض الطلبة تدريس الرياضيات لأطفال وصفوا بأنهم ضعاف في الرياضيات، ثم قيل لنسف "المدرسين" أن تلاميذهم تحسنوا تحسناً واضحاً، بينما قيل للنصف الآخر أن تلاميذهم لم يتحسنوا. فأفاد النصف الأول من "المدرسين" أن الفضل في تحسن الأطفال يعود إلى الجهد الذي بذلوه في التدريس أو إلى الأسلوب الذي يمارسوه فيه، أما النصف الثاني من "المدرسين" فعزوا فشل تلاميذهم إلى قلة الدافعية والذكاء لدى أولئك التلاميذ.
· وجد أن الطلبة يميلون إلى اعتبار الامتحانات التي ينالون فيها درجات حسنة مؤشرا صادقاً على قدراتهم وإمكاناتهم، والى اعتبار الامتحانات التي ينالون فيها درجات سيئة مؤشرات غير صادقة. ووجد آركن وزملاؤه Arkin et al أن المدرسين يميلون إلى اعتبار أنفسهم مسؤولين عن الأداء الجيد لطلبتهم أكثر مما يعتبرون أنفسهم مسؤولين عن الأداء السيئ لأولئك الطلبة.
· كذلك عندما يفوز السياسيون في الانتخابات يميلون إلى عزو نجاحهم إلى عوامل تتعلق بهم، كالخدمة التي قدموها إلى دوائرهم الانتخابية، أما عندما يخسرون فإنهم يميلون إلى عزو ذلك الفشل إلى عوامل خارجية مثل موقف الصحافة منهم، وتأثير التيارات السياسية المعارضة(مكلفين وغروس، 2002، ص216).

إن سبب عزو النجاح للذات والفشل للآخر، هو بمثابة تقدير وحماية للذات، وقد طرحت آراء بهذا الشأن، حيث يقول غرينبرغ وزملاؤه Greenberg at al إن الحاجة إلى تعزيز التقدير الإيجابي للذات وحمايته هي واحدة من هذه الحاجات؛ فإذا علل المرء نجاحه بعزو النجاح إلى ذكائه وقدراته فإن تقدير الذات Self-esteem يتعزز لديه بسبب ذلك العزو (وهذا التحيز يخدم الذات)، أما إذا تم تفسير الفشل بعزوه لعوامل خارجية فإن ذلك يعمل على حماية الذات Self- protection. وبنفس المنطق يشير كل من واير وآركن Weary & Arkin إلى أن التحيز الخادم للذات يعكس دافعاً للظهور بمظهر حسن أمام الآخرين، وهو تفسير "دافعي" آخر يتحيز حيث يخدم الذات (مكلفين وغروس، 2002).

أما التعليل الآخر للتفسيرات فيّرى أن أفضل تعليل للتحيز الخادم للذات هو التعليل المعرفي أو المستند إلى عملية معالجة المعلومات (Information processing). ويعتقد كل من ميلر وروسMiller & Ross وفيذر وسايمون Fearther & Simon "أن العزو يرتبط بالتوقعات والمقاصد، ومن حيث أننا نستهدف النجاح ونتوقعه فإننا نميل إلى عزو النتائج الناجحة التي توقعناها، وقصدنا الوصول إليها، إلى عوامل ذاتية، كالجهد الذي بذلناه في سبيلها. أما النتائج غير المتوقعة وغير المقصودة، فإننا نميل على عزوها إلى عوامل خارجية كالحظ السيئ. إن تمييز دور العوامل الدافعية عن العوامل المعرفية في التحيز الخادم للذات مهمة صعبة، غير أن هناك دلائل توحي بأن كلاً منهما يلعب دوراً في هذا التحيز"(مكلفين وغروس، 2002،ص217).

وتشير أبرامسن وزملاؤها Abramson at al لعدد من الاستثناءات للتحيز الخادم للذات تظهر على المرضى الاكتئابيين، حيث ذكروا بأنهم يميلون إلى عزو فشلهم إلى أنفسهم، وعزو نجاهم إلى عوامل خارجية. ولاحظ كل من ديفيسن ونيل Davison&Neal إلى أن أسلوب العزو الذي يستعمله المرضى المكتئبون يظهر لدى النساء غير المكتئبات أيضاً، حيث توحي الأدلة التي توصلا إليها الباحثان، بأن النساء ينزعن إلى لوم الذات عند تعاملهن مع الضغوط الخارجية، وإلى عزو إنجازهن إلى عوامل خارجية (مكلفين وغروس، 2002).


· دراسة صفاء الأعسر عام 1978 حول مركز الضبط وعلاقته بمتغيرات عديدة كالجنس، والتحصيل الدراسي، والتخصص العلمي وسواها. توصلت إلى نتائج مفادها، أن الطلبة من ذوي الضبط الداخلي أكثر تحملاً للمسؤولية، وأكثر إيجابية من ذوي الضبط الخارجي حيث يضعون الخطط، ويلتزمون بدقة تنفيذها بغية الوصول إلى الأهداف التي يرمون إليها(الأحمد، 2001).
· وقد أكدت دراسة (الكفافي، 1982) التي تناولت مركز الضبط في علاقته بالفشل الدراسي، إذ افترض أن الطلبة من ذوي الضبط الداخلي معرضون للفشل دراسياً بصورة أقل مما يتعرض لها ذوو الضبط الخارجي، وقد دلت النتائج التي توصل إليها إلى عدم وجود فروق دالة بين الطرفين، وذلك وفقاً لعدد مرات الرسوب.
· بينما أوضحت دراسة (الديب،1985) أن هنالك فروقاً في مركز الضبط بين الأفراد تعود إلى اختلاف مستوى ثقافتهم، ودرجة تعليمهم الأكاديمي، وكان من أهم النتائج التي أشارت إليها هذه الدراسة، أنه كلما انخفض مستوى مؤهلات الفرد العلمية، انخفضت معها درجاتهم في الضبط الداخلي، ومالوا أكثر نحو الضبط الخارجي.
· أما دراسة إسماعيل عام 1987 فقد استهدفت الوقوف على العلاقة بين مركز الضبط وتقدير الذات لدى طلاب المرحلة الإعدادية، وكان من أهم ما أشارت إليه الدراسة، عدم وجود فروق دالة بين الذكور والإناث فيما يتعلق بوجهة الضبط (الأحمد،2001).
· وقد تناولت دراسة كل من (عبد الله وعسكر، 1994) مركز الضبط في علاقته بكل من المستوى التحصيل الدراسي، ومتغيرات أكاديمية أخرى، حيث أشارت نتائج الدراسة إلى وجود اتجاه عالٍ نحو الضبط الداخلي لدى أفراد عينة البحث ككل، وإلى عدم وجود فروق دالة احصائياً بين مركز الضبط والمعدل العام.


· وركزت دراسة فاطمة على العلاقة بين مركز الضبط والتفكير الابتكاري، وأشارت النتائج التي توصلت إليها، إلى أن البنات أكثر ميلاً للضبط الخارجي من البنين(الأحمد، 2001).



يأتي الشعور بالكفاية أو التمكن أو الفاعلية من الاعتقاد بأننا نستطيع أن نحقق أهدافنا وأن نتغلب على المشاكل التي تواجهننا ونحقق النجاح الذي نحلم به. إن هذه الثقة التي يشير إليها باندورا Bandura بالفاعلية الذاتية Self-Efficiency والتي تعتبر أحد المكونات الأساسية في تقدير الذات Self-esteem. الذي يمثل الجانب المشاعر لمفهوم الذات Self-Concept أي أن تقدير الذات لا يتولد إلا بعد حدوث العديد من التجارب الناجحة التي تولد بدورها مفهوم ذات إيجابية مقابل تكون مشاعر إيجابية للفاعلية الذاتية. وهو يتضمن القدرة على استخدام المهارات الفرعية المعرفية والاجتماعية والسلوكية بما في ذلك مهارات اتخاذ القرار وذلك لتحقيق الأهداف الشخصية (روبرت وريزونر،1999).

تتطلب الكفاية الشخصية القدرة على تحديد البدائل. والاختبار الحكيم للقرارات والبدائل المناسبة وتطبيق مهارات حل المشكلة واستخدام المصادر بفاعلية. ويعتقد أولئك الذين يمتلكون وستخدمون هذه المهارات بقدرتهم على تحقيق النجاح. ونتيجة لذلك، فإنهم يميلون إلى تحمل مسؤولية سلوكهم وتصرفاته. وإظهار المبادرة في حل المشاكل وفي أن يكون لديهم دافعية عالية لتحقيق أهدافهم.

أما بالنسبة لللذين يفتقرون إلى الشعور بالكفاية. فإنهم يشعرون على الأرجح بأنهم ضحايا ودمى بيد الآخرين، أو أنهم باستمرار غير محظوظين. كما يشعرون باستمرار بأن العالم ضدهم ويتساءلون دائما، " ما الفائدة من الجهد الذي يبذلونه أو العمل الذي يمارسونه أو الحياة بشكل عام؟" إن مثل هؤلاء الأفراد يصبحون فيما بعد كارهين لوضع أهداف لأنفسهم. كما يفشلون في التصرف بمسؤولية، ومن المحتمل أن يواجهوا منازعات مستمرة مع آبائهم ومعلميهم الذين يبدؤون فيما بعد باتخاذ أساليب أكثر سلطوية إزائهم (روبرت وريزونر،1999).

تتمثل أكثر الطرق فاعلية في بناء الشعور بالكفاية الشخصية في وضع الأهداف. فعندما يضع الطالب أهدافاً محددة ذات صلة بالمهارات الأكاديمية أو النمو الشخصي، فإن المعلمين والآباء يستطيعون أن يقدموا لهم الدعم لمساعدتهم في تحقيق النجاح. وبدلاً من الإجبار والتملق والتهديد أو الرشوة، فإنه يمكن للكبار أن يعملوا بشكل تعاوني مع الطلاب من أجل تحقيق هدف مشترك (روبرت وريزونر،1999).


هناك أربعة مصادر لمشاعر الكفاية التي من خلالها هذه الاعتقادات تتطور:

أولاً: المصدر الأكثر تأثيراً على هذه المشاعر التي تتكون نتيجة لأدائه الهادف مما يجعل الأفراد أن يقيموا من خلالها آثار أعمالهم، ومثل هذه التقييمات والتفسيرات تؤثر في خلق مشاعر الكفاية، حيث أن النتائج الإيجابية تترجم كتقدم في نجاح تلك المشاعر، بينما حالات الفشل تخفض تلك المشاعر، ففي تجارب" باندورا" Bandura التي بينت أن المصدر الأكثر تأثيراً على مشاعر الكفاية هي تلك المعلومات التي أدت إلى مزيد من التحسن الذاتي، وبالتالي تحسن الإنجاز الأكاديمي للطلاب، لذا يجب أن تركز الجهود التربوية على تعديل اعتقادات الطلاب أنفسهم حول قدراتهم والتي يمكن، تحقيقها من خلال البرامج التي تساعد على تحسن تلك المشاعر من خلال طرق الإقناع الشفوي. وهو ما ركز عليه علماء علم التعلم الاجتماعي، من خلال تأكيدهم على تركيز الجهود المشتركة بين المعنيين لرفع مستوى القدرة والثقة لدى الطلاب (Pajares,1999).

ثانياً: يتعلق هذا المصدر بكفاية المعلومات التي يتم تجميعها من أعمال وتجارب الآخرين. إن تأثير النموذج مهم جدا على الفرد. لأن وجود النموذج يعتبر ذا أهمية في حياة الفرد فمن خلاله يتم غرس الأفكار والمعتقدات التي سوف تؤثّر على اتجاهه نحو الحياة . يرى "سكانك" Schunk إن فشل النموذج له تأثير سلبي أكثر على مشاعر الكفاية للملاحظين عندما يلاحظون النموذج ويحكمون على أنفسهم بأنهم يمتلكون قدرة مشابهة إلى النموذج فيتأثرون سلباً بفشله. أما من الناحية الأخرى، وكما يرى كل من "براون وانويو" Brown & Inouye وعلى العكس من ذلك يرى الباحثون أن الملاحظ في حالة أن قدرتهم أفضل من قدرات النموذج، لا يشعر بالفشل حينما يفشل النموذج، ففشل النموذج ليس له تأثير سلبي على الملاحظ (Pajares,1999).

ثالثاً: ينمي الأشخاص أفكارهم حول مشاعر الكفاية بسبب تأثرهم بالإقناع الشفوي الذي يتلقونه من الآخرين. حيث يرى كل من "باجرز و زلدن" Zeldin & Pajares أن الإقناع يتضمّن تعريض الفرد لأفكار شفوية، فالشخص المقنع (persuasions) يستطيع لعب دور مهم في تنمية أفكار الأفراد الذاتية. ويشير "إريكسون" Eriksson إلى أن الإقناع الفعّال المبني على المدح والتوجيه يجب أن يكون واقياً وليس هلاميا فارغاً. وهذه النتيجة تنسجم مع تحذير "باندورا" Bandura بخصوص الأنا الضعيفة (weak ego) التي لا يمكن تقويتها بالتعزيز القسري و"ذلك لأن الأطفال لا يمكن أن ينخدعوا بالمديح الفارغ والتشجيع المتعاطف". وذلك لأن "الأنا القوية، المتضمنة لهوية قوية ليس بحاجة للتحصين ضد أي محاولة للتضخيم المصطنعة (Persuaders)". لذا يجب دعم الثقة في قدرات الأفراد، كما يقول "باندورا" Bandura وإشعارهم بأن النجاح ممكن وسهل المنال، يعمل عمل التشجيع بل أفضل منه. بينما الإقناع السلبي يؤدي إلى الشعور بالانهزامية والضعف مما يؤدي إلى إضعاف مشاعر الكفاية. في الحقيقة، إن أسلوب التقييمات السلبية هي أسهل عادة لإضعاف مشاعر الكفاية الذاتية منها لتقويته، بينما التشجيع الإيجابي يقوي مشاعر الكفاية(Pajares,1999).

رابعاً: تؤثر الحالات الفسيولوجية مثل القلق، الإثارة، الإعياء، و الحالات المزاجية كذلك المعلومات التي تتعلق بفكرة الكفاية . لأن الأشخاص لديهم القابلية لتعديل تفكيرهم، ففكرتهم عن مشاعر الكفاية ، تؤثّر تباعاً وبقوة على حالاتهم الفسيولوجية (Pajares,1999).

ومما يذكره مونتي Monte حول تطور الفكر السلوكي وعلاقته بظهور نظرية التعلم الاجتماعي لباندورا Bandura ، الذي أكد على أهمية التفاعل المتبادل بين المثيرات وخاصة الاجتماعية منها، والسلوك، والعوامل الشخصية العقلية المعرفية والانفعالية الوجدانية، وبذلك يرى أن ظهور القلق مرتبط بحدوث مثيرات غير مرغوبة شريطة أن يكون لدى الفرد استعداد نفسي لظهوره متمثلاً في المفهوم السالب للفرد عن قدراته. وعليه فإن القلق وان عبر عن استجابات بمثيرات خارجية مؤلمة، فان هذا الارتباط يبقى ارتباطاً جزئياً مرتبطاً من جانب آخر بالسمات الشخصية العقلية منها والوجدانية ولعل من أهمها مشاعر عدم الكفاية التي تعمل كمعزز ذاتي للقلق (تونسي،2002,ص 19)

وفي دراسة دريمان والدور Dreman & Aldor لقلق الحالة State Anxiety لدى 27 مطلقة و25 أب مطلق ممن يقومون برعاية الأبناء، ثم دراسة بعض المتغيرات منها مشاعر الكفاية Sense Of Competence والإدراك الزمني Time Perspective والقلق والغضب Anxiety and Anger ، تبين من نتائج الدراسة أن الأمهات يقيمن الماضي على أنه أسوأ من الحاضر، وقد أظهرن درجة أعلى من الغضب تجاهه، ويعتقد الباحث أن هذا الغضب ناتج عن بعض الاتجاهات السالبة تجاه الأم العاملة وقلة المصادر وضعف الاتصالات الإجتماعية إلا أنه ورغم هذا الغضب فقد تبين أنهن يتمتعن بدرجة عادية من مشاعر الكفاية ودرجة عادية من القلق.

يشير وايت White في مقالته حول مفهوم الكفاية أو الجدارة، بأن كل منا يتحرك لزيادة تحكمه في البيئة المحيطة به، أو لزيادة قدرته وأهليته وجدارته على مكونات البيئة، وذلك يرجع إلى الإمكانات الموروثة داخل كيانه، وكذلك فإن أنماط سلوكنا من الشائع أن تتوقف كلية على كيفية الاستجابات البيئية لهذه الأنماط السلوكية (الأشول، 1978،ص73).

ولقد لخص "كوبر سميث" Coppersmith رأي "وايت" Whiteإذ يقول:
"أن الوليد البشري منذ طفولته، وفيما بعد هذه المرحلة، يخبر محدداته أو معطياته البيولوجية، ويصاحب ذلك أحساس ممتع بنفوذه وجدارته وكفايته في مواجهة أو تصادمه بالبيئة، ومن ثم تصبح أساساً للدوافع الحقيقية الذاتية نحو الحصول على كفاية أهلية أكبر وأبعد، وافترض "وايت" يؤكد النشاط التلقائي للطفل في استنتاج واشتقاق إحساس القدرة والأهلية، ويشير إلى أن الخبرات التالية للانجازات المستقلة يمكن أن تكون مدعمة بصورة قوية ولا تعتمد على الوكالات الخارجية – وهذا لا ينفي الأهمية العامة للموافقة والرفض الاجتماعي، ولكنه يفترض أنه توجد مصادر فطرية للإشباع التي تصاحب التحكم في عناصر البيئة، وهذه تعتبر مستقلة عن الثواب والعقاب الاجتماعي الخارجي. ونتيجة لذلك فإن الشعور بالنفوذ والتأثير يكون نتيجة كفاح الفرد من أجل اكتساب الجدارة والأهلية والتي تظهر بصورة تامة في مرحلة الطفولة قبل أن يصبح في استطاعته التعبير عن القيم الاجتماعية أو تقديرها. كما أنه بتدعيم هذا الإحساس بالأهلية والتأثير، أو على الأقل الظروف لتكوينها ونموها ، فإن من المحتمل أن يزيد الآباء نضالهم من أجل نمو الجدارة والأهلية..." (الأشول، 1978، ص ص73-74).


إنه من المهم وبعد استعراض لنظريات الدافعية بما فيها نظريات العزو، فمن المهم تناول المفاهيم التي تتعلق بالدافعية باختلاف إدراك أثر تلك المفاهيم في ضوء نظرية الدافعية بشكل متكامل مما يمكننا من الربط بين تلك النظريات بما يتعلق بذلك المفهوم. فمثلا يمكن أن تلعب مدركات القدرة دوراً هاماً في كل النظريات المعرفية الدافعية للانجاز، وهو ما يلخصه كل من Stipek & Miserandino بأسلوب مبسط، ففي نظرية التعلم الاجتماعي لـ "باندورا" Bandura ترجع الثقة في قدرة الفرد بصورة حاسمة إلى فعالية الذات، بينما نلاحظ في نظرية "أتكنسون" Atkinson فإن من يعتقدون أنهم أكفاء في أداء مهمة ما، سوف يدركون احتمالية نجاح عالية، ونتيجة لذلك سوف يحبون أكثر التقدم في المهمة عمن يعتقدون أن لديهم نقصاً في الكفايات الضرورية. أما في ضوء نظرية موضع الضبط لـ "روتر" Rotter فإن الأفراد الذين يعتقدون أن لديهم كفاية أكاديمية، فإنهم يعتقدون بأنهم يتحكمون في التدعيمات المرتبطة بالنجاح الأكاديمي. وفي نظرية العزو لـ "واينر" Weiner فإن الأفراد الذين يعتبرون أنفسهم أكفاء في مهمة ما، يحتمل أن يعزون النجاح لقدرتهم وجهدهم، ويعزون الفشل لبعض الأسباب الأخرى، ومن يعتقدون أنهم غير أكفاء سوف يعزون الفشل إلى نقص القدرة، وسوف يبحثون عن تفسير خارجي للنجاح (زايد، 2003، ص91).


تعتبر الدافعية للإنجاز من المحركات المهمة للفرد التي تؤدي إلى استمرار تقدم الفرد نحو الهدف الذي يصبوا لتحقيقه بمزيد من المثابرة، فيرى "دويك" Dweck (1986( أن دافعية الإنجاز تحتوي على مجموعة من الأهداف تتمايز إلى فئتين:
أ – أهداف الإتقان، التي ينشد فيها الأفراد زيادة كفايتهم لفهم، أو تمكنهم من عمل أي شيء جديد. حيث توجد أهداف الإتقان في المواقف التي يباشر فيها الأفراد المهمة لأنهم يجدون استمتاعاً داخلياً Intrinsically.
ب- أهداف الأداء، التي ينشد فيها الأفراد اكتساب الأحكام المفضلة لكفايتهم، أو تجنب الأحكام السلبية لكفايتهم، إن أهداف الأداء تعكس توجها خارجياً Extrinsic ، أي أن الأفراد كما يقول "ستبك"Stipek يكونون مدفوعين أكثر للحصول على مكافآت خارجية، ولعل هذا يقودنا كما يقول لتصنيف الدافعية لدافعية خارجية ودافعية داخلية .

وما يؤكده في هذا الصدد "ستبك" Stipek أن الشعور بالفعالية والكفاية الذي يسببه النجاح عند مواجهة الفرد للمهام المتحدية له يعزز مجهودات الإتقان، ويزيد من الدافعية الداخلية للانهماك في المزيد من المهام المشابهة، ومن جهة أخرى أن الشعور بعدم الكفاية يضعف الدافعية الداخلية. فالعمل بدون تحقيق نجاح يقوض الحماس للعمل في المهام المشابهة(زايد، 2003).

ومن جهة أخرى بينت الدراساتPhillips عام 1984 أن الإتقان المرتفع والكفاية المدركة Perceived Competence - مدى اعتقاد الطالب بأنه يمتلك القدرة على العمل الجيد في المدرسة- المنخفضة لتلاميذ الصف الخامس الابتدائي تقلل من استهداف معايير الإنجاز وتعوق توقعات النجاح، وهذه النتيجة تختلف عن تلاميذ المستوى المتوسط أو المرتفع في الكفاية المدركة. علاوة على ذلك ، وجد معلموا هؤلاء التلاميذ أنهم أقل مثابرة بالمقارنة بأطفال متوسطي أو مرتفعي الكفاية المدركة. وبصورة مشابهة، وجد دراسة Phillips أنه ليس فقط أنه حدث خداع عدم الكفاية لدى أطفال الصف الثالث الابتدائي لمدركات قدرتهم، لكن تأثرت مدركات هؤلاء الأطفال للقدرة بمدركات الوالدين لكفاية أطفالهم (زايد،2003، ص93).


إن اعتقاد الطالب على تملكه قدرات تساعده على النجاح هو أمر مهم لتحقيق النجاح ، لذا ارتبطت الدافعية الداخلية لدى التلاميذ الصغار في المدرسة الابتدائية بالكفاية المدركة الإيجابية(Gottfried,1990)، ومما يؤكد هذه العلاقة هو ما أظهرته العديد من الدراسات التي بينت أن الطلاب الذين يعتقدون أنهم أكفاء أكثر اهتماماً داخلياً بمهام المدرسة عن هؤلاء الذين لديهم مدركات منخفضة لقدراتهم الأكاديمية(Gottfried,1990).

وقد أكدت العديد من الدراسات على وجود علاقة سببية بين الكفاية المدركة Perceived Competence والدافعية الداخلية لدى تلاميذ صفي الثالث والرابع ابتدائي (Miserandino,1996)، وفي دراسة أخرى ذات علاقة كبيرة بالموضوع، عرضها "ستبك" Stipekتم تقدير مدركات الكفاية والاهتمام بأحد الموضوعات الدراسية لطلاب في مرحلة المراهقة، عند بداية ونهاية الفصل الدراسي، فبينت النتائج تغير اهتمام الطلاب في اتجاه تغير الكفاية المدركة. فالطلاب الذين أدركوا أن الكفاية تزيد عند دراستهم للمقرر خلال الفصل الدراسي، قدروا الموضوع بشكل أكثر متعة في نهاية الفصل الدراسي عنه مما هو في أوله، بينما الطلاب الذين أدركوا أن الكفاية تتناقص، قدروا الموضوع على أنه أقل متعة عند نهاية الفصل من أوله. وثبت أيضاً من خلال تحليل المسار أن مدركات الكفاية تسبب خبرات وجدانية إيجابية تحدث بدورها دافعية داخلية(زايد، 2003).

رغم أن منظروا الدافعية الداخلية أكدوا على مشاعر الاستمتاع التي يكون لها قيمة للطالب كما تم التحدث عنه فيما سبق، لكن "كوفنجتون" Covington يرى أن الطلاب تكون لديهم دافعية طبيعية للاحتفاظ بالإحساس بقيمة الذات في عيون أنفسهم وفي عيون الناس (أهداف الأداء) - كما بين ذلك واينر Weiner فيما سبق-، إلى درجة التي تجعل قيمة الفرد في المجالات التربوية الخاصة تبنى على أساس الكفاية الأكاديمية، بحيث ينشد الطلاب الفرص لإظهار كفايتهم، ويتجنبون المواقف التي ربما تقود للحكم بعدم كفايتهم (زايد، 2003، ص93).

ولقد اتضح أن تلاميذ الصفين الثالث والرابع الابتدائي، الذين شعروا بخبرة نقص الكفاية (وهم الأقل وثوقاً في قدراتهم) أو نقص في الاستقلال الذاتي (المدفوعين خارجياً)، كانت انفعالاتهم أكثر سلبية وظهرت عليهم سلوكيات انسحابية، مقارنة بالتلاميذ الذين أدركوا أنفسهم بأن لديهم القدرة، أو من أدركوا بأنهم مستقلين ذاتياً (Miserandion,1996).

بينما أثبتت دراسة "أوكاجاكي" Okagaki أن تلاميذ صفي الرابع والخامس الابتدائي أدركوا أنفسهم على أنهم أكفاء إلى حد ما أكاديمياً واجتماعياً وسلوكياً (زايد، 2003).

كما أثبتت دراسة حلمي على طلاب ثانية إعدادي، حيث وجدت علاقات موجبة بين الدافعية الداخلية للدراسة والكفاية الدراسية ومفهوم الذات الأكاديمي والتسامح مع الفشل المدرسي(زايد، 2003).


ترتبط عملية التعليم والتعلم بالدافعية بدرجة كبيرة، بحيث لا يمكن أن تنفك تلك العملية عن مصادر حركة الطالب الداخلية والخارجية، وعلى المعلم والمدرسة والنظام التعليمي تنمية وتوجيه تلك الدوافع بما يتناسب وعمر وفكر ذلك الطالب، ونظراً لأهمية الدافعية، فمن الجدير أن نبين أساليب الدافعية الداخلية مقابل الخارجية والتي تستخدم في حجرة الدرس، ويمكن توضيحها كما لو كانت متصل، من الداخلي Intrinsic إلى الخارجي Extrinsic، فأساليب الدافعية الداخلية هي تلك المرتبطة طبيعيا بالتعلم، أنها أساليب فطرية Inherent سواء في عملية التعلم ذاتها أو في المعرفة أو السلوك المكتسب. أما أساليب الدافعية الخارجية فهي تلك الأساليب التي ترتبط بالتعلم بصورة غير طبيعية (اصطناعية) Artificial، فتلك الأساليب لا تعتبر جزء من عملية التعلم ذاتها، لكنها مفروضة عليها من الخارج عن طريق سلطة ما، عادة تكون سلطة المعلم.
داخلي خارجي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستغراق حب الاستطلاع الاستخدام الفعلي مشاعرالنجاح المنافسة الثناء المكافآت

فعالية الهدف





تقدير الذات

تحقيق الذات


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متصل الدافعية الداخلية مقابل الدافعية الخارجية
(جورمان 1974) في (زايد،2003)

يعتبر استغراق الطالب في موضوع التعلم جزء من عملية التعلم، كما يعتبر حب الاستطلاع حول موضوع مرتبط بالتعلم ، أيضاً أمر مهم في عملية التعلم، وبالمثل يعتر الاستخدام الفعلي لما تعلمه مظهراً هاماً وداخلياً للمتعلم.

بينما يعتبر الطرف الآخر من المتصل، أمراً مهما وإن كان خارجياً لفعل التعلم، مثل المكافآت، المادية والرمزية، حيث أنها تعتبر حوافز محركة للسلوك المطلوب. ويجب أن يتم تأسيس أي اتصال بين تلك المكافآت وما يتم تعلمه عن طريق المعلم أو الوالدين، ويعتبر ذلك حقيقياً سواء أعطيت المكافأة كنتيجة للمنافسة، أو بعد إكمال تابع التعلم بنجاح. وبصورة مشابه مع الثناء اللفظي أو الثناء الاعتباري، توجد فقط علاقة اصطناعية بين تعلم أي شيء والثناء على فعله.

تقع مشاعر النجاح في التعلم هي في مركز المتصل، لأنها يمكن أن تكون قوة دافعة إما للداخل أو للخارج: داخلية إذا حققت ارتياحاً، كثيرا ما يتجه نحو نهاية تتبع التعلم الناجح، وخارجية عندما تبح مشاعر الإنجاز Accomplishment المرتبطة بمصلحة الطالب الشخصية هي عدم المبالاة بما يتعلم .

هذا ويجذب كل أسلوب دافعي من الأسلوبين حاجة معينة أو قوة دافعية أخرى داخل الشخص، فمثلا: الاندماج (الاستغراق) في موضوع التعلم أو المهارة أو حب الاستطلاع حول التعلم تعتبر إلى حد بعيد مرتبطة بحاجة الشخص لتحقيق الذات.

إن تعلم شيء ما لاستخدامه الفعلي يرتبط بغرض الفرد أو دافعية التوجه نحو الهدف: نحن نتعلم شيء ما لمدى تعلقه بالهدف ، إن الإثابات التي يحصل عليها الطالب سواء كانت مادية أو لفظية أو معنوية أو رمزية عند قيامه بالأداء المطلوب، كما يحدث ذلك داخل غرفة الصف، تتجه كلها أما إلى فعالية توجه الطالب نحو الهدف، إذا تأكد الارتياح فيما يتعلق بالمخرجات، أو إلى حاجته لتقدير الذات، إذا تأكد الارتياح فيما يتعلق بالذات.

ولأهمية الموضوع يمكن طرح هذا السؤال: أي نوع من الأساليب الدافعية يمكن أن يستخدمه المعلم مع طلابه؟ وبأسلوب آخر، هل أن على المعلم أن يهتم بتحقيق الذات أم تقدير الذات؟

بما إن الدافعية الداخلية تجذب الحاجة لتحقيق الذات، بينما تجذب الدافعية الخارجية الحاجة لتقدير الذات Self – Esteem، فيتطلب الأمر من المعلم الاهتمام الأكبر بتحقيق الذات، وخصوصاً للطلاب الذين فات عليهم اشباع حاجاتهم النفسية بدرجة كافية، وإعطائهم الكثير من الإحساس بالارتياح والنبل والاحترام، وذلك بالمقارنة بمن تم لديهم إشباع الحاجة لتقدير الذات الخارجية(زايد،2003، ص ص 129-131).

وطبقاً لنظرية ماسلو Maslow عام 1954، التي ترتب الحاجات النفسية بتدرج زمني بالكيفية التالية: الحاجات للأمن والعطف وتقدير الذات وتحقيق الذات، فإذا ما أشبعت الحاجات الأكثر أساسية بدرجة معينة فإنه تظهر بعد ذلك الحاجات الأعلى في الترتيب. فمثلا: يبدأ إشباع تقدير الذات من قبل الوالدين خلال سنوات التنشئة الأولى حتى يصل لإشباع تحقيق الذات وبالخصوص إشباع حب الاستطلاع كأضعف جزء في المرحلة، ليبدأ مرة أخرى بالظهور مع بداية دخول الطفل للمدرسة، لذا يعتبر الوقت الأمثل لإشباع الحاجة هو عند أول ظهورها، وهو ما يؤكد ضرورة وعي الوالدين والمعلمين بأهمية تلك الأوقات الحرجة التي يجب الاهتمام بها قبل فوات الأوان، التأخر في الإشباع يؤدي إلى صعوبة لتحقيقها. وعليه فإن الدافعية الداخلية مع جذبها لتحقيق الذات، فإنها تستدعي تماما في الصفوف الدراسية الأولى(زايد، 2003). كما أن الحاجة لتقدير الذات لا تتوقف لتتطلب إشباعا أكثر، وهكذا تستدعي بعض الحوافز الخارجية في المدرسة الابتدائية لكل التلاميذ، وخصوصاً التلاميذ الذين أشبعت حاجاتهم لتقدير الذات بدرجة أقل في المنزل، مما يعني أن أثر الحوافز خصوصاً المادية يقل مع استمرار وجوده في المدرسة حتى يتلاشى أثرها، ويبقى الأثر للحوافز الاعتبارية التي تحقق مزيداً من تحقيق الذات. لذا من الضروري عملية الفطام من المعززات أو المحركات الخارجية، لكي يبقى الدافع الداخلي مستمراً في تحريك حب المعرفة وطلب العلم، من خلال ربط أهمية العلم والاهتمام به بدلا من تغذيته بالمعززات المادية التي لا يكون لها سقف يحد درجتها.

لذا تبقى أهمية التأكيد على الدافعية الداخلية كونها ترفع من مستوى الاهتمام والإثارة في التعلم ذاته، فإنها تملك ميزة الاستقلال الكبير في التعلم (زهران،1990)، حيث تميل الحوافز الخارجية التي تنظمها السلطة التربوية في الأسرة والمدرسة إلى تعهد الاعتماد وسهولة الانقياد. إن للدفعية الداخلية فرصة كبيرة لن تكون ثابتة في تأثيرها بسبب النمو في الاستقلال في مرحلة التعلم، فيميل الفرد لأن يتعلم أكثر حول موضوع عندما يكون مهتما بالموضوع بصورة حقيقة، حتى عندما يكون مستوى المقرر عالياً( المليجي والمليجي،1982).

وبالنظر للعلاقة بين الدافعية والتعلم، فتعتبر العلاقة الطبيعية إحدى الوسائل لغابة معينة: إننا ندفع لكي نتعلم، والدافعية الداخلية تكيف لهذا النمط، فيكون تركيز الطلاب عادة على ما الذي يتعلمونه (أحمد، 1986)، وهو أمر ضروري يجب أن يرتبطون به، بينما توجد دافعية خارجية التي تعتمد على المكافآت والتنافس، فالطلاب الذين يبحثون عن المكافآت قد يتعرضون لخطر القلق والاتجاهات غير الاجتماعية نحو الآخرين، مما يؤدي في النهاية إلى مزيد من الإجهاد النفسي والبدني، والخوف من الفشل بدرجة أكبر، وبالتالي قد لا يتحقق حصوله على المكافأة لأنها لا تعطى إلا لعدد قليل من الطلاب، إن تعلق الطالب بالمكافآت الخارجية دليل على عدم توفر الدافعية الداخلية، فهي توفر تحديد واضح يجب أن يستفيد منه التربويين(عثمان، 1973). وفي المقابل إن التعلق بالدوافع الداخلية تضمن له أقل الضرر وتزيد من تواصله في التعلم بدرجة أكبر من السعادة.


المعادلة الأولى: (BPxs1 Ra =f(Ex Ra s1& RV a sl)

جهد السلوك (BPx) x كي يحدث في الموقف l بالنسبة للتعزيز (التدعيم) a هو دالة للتوقع (Ex) لحدوث التعزيز (التدعيم) a في أعقاب سلوك * عن الموقف l وقيمة التعزيز (التدعيم) a (RVa) في الموقف l .

المعادلة الثانية: ( BP(x-n),s(1- a),R(a-n )

f(E(x-n),s(1-a), R(a-n)& RV(a-n),s(1- a))

جهد أنماط السلوك المرتبطة وظيفياً للسلوك المرتبط * إلى (n(BPx-n للحدوث في المواقف المحددة l إلى n بالنسبة لجهد التعزيز (التدعيم) a إلى n هي دالة للتوقعات (E) الحاضرة لأنماط السلوك هذه المؤدية إلى هذه التعزيزيات (التدعيمات) في هذا الموقف وقيم هذه التعزيزات (التدعيمات) في هذا الموقف وقيم هذه التعزيزات (التدعيمات) (RV) في هذه المواقف.

المعادلة الثالثة: (NP=f(FM & NV

جهد الحاجة (NP) هي دالة حرية الحركة (FM) وقيمة الحاجة (NV).

المعادلة الرابعة Rvas1=f(Era-R(b-n)sl RV(b-n(9sl)

قيمة التعزيز (التدعيم) (a(RVa) في الموقف l هي دالة التوقعات من أن هذا العزيز (التدعيم) (Era) يؤدي إلى تعزيزات (تدعيمات) أخرى من b إلى n في الموقف l وقيم هذه التعزيزات (RV) من b إلى l .


المعادلة الخامسة: Es1=f(E & GE))

التوقع (Esi) هو دالة احتمال الحدوث كما هو قائم على الخبرة السابقة في الواقف المدركة وكأنها نفس Esi وتعميم التوقعات لنفس التعزيزات (التدعيمات) أو لتعزيزات (لتدعيمات) متشابهة لتحدث في مواقف أخرى لنفس أنماط السلوك أو لأنماط السلوك المرتبطة وظيفياً.

المعادلة السادسة: Es1-f(Es1 & Ge/Ns))

التوقع (Esi) هو دالة التوقع لتعزيز (لتدعيم) ما ليحدث كنتيجة لخبرة سابقة في نفس الموقف (Esi) والتوقعات المعممة من المواقف الأخرى (GE) مقسمة على دالة عدد التوقعات في الموقف المحدد (Nsi) .

المعادلة السابعة:
Es= f (E & Ger & GEps1 & Geps...Gpsn)f(Nsl)
التوقع (Esi) هو دالة التوقع لتعزيز (لتدعيم) ما كي يحصل كنتيجة لخبرة محددة في نفس الموقف (E) والتوقعات المعممة من مواقف أخرى (Ger) والتوقعات المعممة لحل المشاكل من l إلى n والمتغيران الأخيران Ge, and GEps مقسومة على دالة ما لعدد الخبرات في الموقف المحدد (Bsi) (غازدا وكورسيني، 1986،ج2، ص ص158-150).


خطة بحث بعنوان "علاقة أساليب التفكير بأسلوب العزو لدى عينة من طلاب كلية المعلمين في الدمام".


هل هناك فروق في أساليب التفكير بين طلاب كلية المعلمين الذين يتبنون لأساليب إعزائية مختلفة؟


تهدف الدراسة للتعرف على الفروق في أساليب التفكير بين طلاب كلية المعلمين في الدمام الذين ينتمون لأساليب العزو مختلفة.


تعتبر نظرية العزو من المجالات البحثية النشطة خلال الفترة الماضية، لما لمثل هذه الدراسات من أهمية على في حياة الناس اليومية، لأن عملية الإعزاء Attribution هي العملية التي يحاول الفرد من خلالها الاستدلال على دوافع الآخرين وخصالهم من خلال ملاحظة سلوكهم الظاهري. الإعزاء السببي هي الأحكام التي يصدرها الفرد عما إذا كان سلوكه أو سلوك الآخرين ناتجاً عن عوامل داخلية أو خارجية، ثابتة أو متغيرة، خاصة أو عامة. وقد أصحبت دراسة هذه العملية من الموضوعات الأساسية في بحوث علم النفس الاجتماعي- وغيره من مجالات علم النفس. وقد استخدم واينر Weiner مفهوم العزو في مجال التعلم لمعرفة كيفية تفسير الطلاب للنجاح والفشل في مواقف التحصيل الدراسي(Weiner,1992).



هو الميل إلى إصدار أنواع معينة من الاستدلالات السببية المتسقة عبر المواقف وعبر الزمن، لتفسير الأحداث التي يخبرها الفرد، وذلك في ضوء ثلاثة الأبعاد الرئيسية التالية:
1. بعد مركز السببية: Locus of Causality: إعزاء داخلي / خارجي: فقد يكون الحدث راجعاً إلى عوامل تمكن في طبيعة الشخص مثل قدرته أو جهده، في مقابل إرجاع الحدث (أو النتيجة) إلى أسباب خارج نطاق طبيعة الشخص أو مسؤوليته (كالصدفة والحظ أو عوامل أخرى).
2. بعد الثبات: إعزاء ثابت/متغير: فقد يعزى الحدث إلى أسباب ثابتة أي مستمرة عبر الزمن وعبر المواقف في مقابل أسباب غير مستمرة.
3. بعد العمومية: إعزاء عام/ خاص: فعندما يرى الشخص أن السبب في الحدث أو النتيجة له آثار عامة على جوانب أخرى من حياته يكون أسلوبه الإعزائي عاماً، في مقابل اعتقاده أن السبب يقتصر على هذا الحدث فقط (محمود، 1993، ص247).


يعرف جريجورنكو وستيرنبرج Grigorenko & Sternberg عام 1995 التفكير بأنه"عملية عقلية معرفية تؤثر بشكل مباشر في طريقة وكيفية تجهيز ومعالجة المعلومات والتمثيلات العقلية المعرفية داخل العقل الإنساني"، ويعرف ستيرنبرج Sternberg أسلوب التفكير بأنه " طريقة الفرد المفضلة في التفكير عند أداء الأعمال، وهو ليس قدرة، وإنما هو تفضيل لاستخدام القدرات ويقع بين الشخصية والقدرات (الشخصية – أسلوب التفكير – القدرات)، فأسلوب التفكير يشير إلى الطريقة المفضلة التي يستخدم أو يوظف بها الفرد قدراته أو ذكاءه، كما أن أساليب التفكير هي الطرق أو المفاتيح لفهم أداء الطلاب (الدردير،2004، ص150).



:
يمكن صياغة العديد من الفروض التي تتعلق بالمتغيرات الحالية أو إمكانية إضافة متغيرات أخرى مثل : التخصص والمستوى الدراسي والمعدل الدراسي وغير ذلك، ولكن يقترح الباحث الآن الفرض التالي:
لا توجد فروق دالة بين متوسطات أداء الطلاب الذين يتبنون أساليب اعزائية مختلفة للأحداث السلبية على قائمة أساليب التفكير.



تتكون عينة الدراسة من طلاب كلية المعلمين في الدمام من مستويات وتخصصات ومعدلات دراسية مختلفة.



أعد هذه القائمة ستيرنبرج وواجنر Sternberg & Wagner في عام 1992 في ضوء نظرية ستيرنبرج " التحكم العقلي الذاتي" Sternberg’s Theory Mental Self - Government والتي تتكون من ثلاثة عشر أسلوباً من أساليب التفكير، وتتكون القائمة من 65 مفردة بمعدل 5 مفردات لكل أسلوب من أساليب التفكير، وهي من نوع التقرير الذاتي حيث يسأل الأفراد عن طريق تفكيرهم التي يستخدمونها في أداء الأشياء في المدرسة أو الجامعة أو المنزل أو في العمل في ضوء مقياس سباعي الاستجابة يبدأ بالاستجابة الأولى "لا تنطبق عليّ إطلاقاً" وينتهي بالاستجابة السابعة "تنطبق عليّ تماماً". وليست للقائمة درجة كلية، إنما يتم التعامل مع درجة كل مقياس فرعي على حدة. علماً بأن القائمة معربة وتم حساب الصدق والثبات على عينة طلاب في البيئة المصرية(الدردير،2004،ص ص 193-196).

قام ببنائه بيترسون وفيلانوفا عام 1988، وأعدها للعربية شعبان رضوان عام 1992. أعد النسخة الأصلية من الاستخبار بيترسون وآخرون عام 1982، لقياس الميل إلى إصدار نوع معين من الاستدلالات السببية أو الإعزاءات، والتي يفترض أن لها دوراً سببياً في الإكتئاب وفقاً لفروض نموذج العجز المتعلم. واستخدم الاستخبار في العديد من الدراسات حول العلاقة بين الأسلوب الإعزائي وسمات الشخصية وأساليب التفكير وغيرها من المجالات. وفي عام 1988 قام بيترسون وفيلانوفا بمحاولة رفع ثبات الصورة الأولى من الاستخبار من خلال زيادة عدد بنوده لتصبح 24 حدثاً بعد أن كان 12 حدثاً إفتراضياً سلبياً يعد حذف الأحداث الإيجابية لأن نظرية العجز المكتسب بعد تعديلها لم تهتم صراحة بالأحداث الإيجابية. علماً بأن الاستخبار معرب وتم تقنينه على البيئة المصرية والأردنية وغيرها من المجتمعات العربية (محمود،1993، ص265).


ضمن الصياغة الحالية لفرضية خطة الدراسة، يقترح الباحث استخدام الأساليب الإحصائية التالية:
- استخدام اختبار (ت) لحساب دلالة الفروق بين متوسطات درجات الطلاب على استخبار الأسلوب الإعزائي ودرجات مقياس التفكير الابتكاري.
- استخدام تحليل التباين لمعرفة أثر التفاعل بين الأسلوب الإعزائي (مركز السببية، والثبات، والعمومية) مع مقياس التفكير الابتكاري.
- استخدام طريقة شيفيه للمقارنات البعدية.


المراجع:
· إبراهيم، عبد الله سلمان (1989). موضع الضبط وعلاقته بمستوى الطموح لدى عينة من طلاب الصف الثالث الإعدادي. مجلة علم النفس . الهيئة المصرية العامة للكتاب. العدد الثاني عشر . ص ص 115-123.
· أحمد، شكري سيد (1986). الاتجاهات نحو الرياضيات وعلاقتها بنوع التخصص الدراسي وبعض المتغيرات الأخرى لدى بعض تلاميذ الصف الأول الثانوي.رسالة الخليج العربي. العدد18.ص ص 35-71.
· الأشول، عادل (1978). نظريات الشخصية. النهضة المصرية: القاهرة.
· الأعسر، صفاء (1978). بعض المتغيرات المرتبطة بوجهة الضبط. دراسات سيكولوجية في المجتمع القطري. مكتبة الأنجلو: القاهرة.
· الأحمد، أمل (2001). بحوث ودراسات في علم النفس. مؤسسة الرسالة: بيروت.
· بارون، خضر عباس(2002).الدوافع والانفعالات. مكتبة المنارة الإسلامية: الكويت.
· تونسي، عديلة حسن (2002). القلق والاكتئاب لدى عينة من المطلقات وغير المطلقات في مدينة مكة المكرمة. رسالة ماجستير غير منشورة . كلية التربية. جامعة أم القرى.
· المليجي، حلمي وعبد المنعم المليجي(1982).النمو النفسي. ط6. دار المعرفة الجامعية.
· الدردير، عبد المنعم أحمد(2004). دراسات معاصرة في علم النفس المعرفي. عالم الكتب: القاهرة.
· الديب، علي محمد (1995). مركز الضبط وعلاقته بالرضا عن التخصص الدراسي. دراسة عبر حضارية، مجلة علم النفس. العدد الثالث، ص ص36-50.
· دسوقي، كمال (1990). ذخيرة علوم النفس. الأهرام: القاهرة.
· راجح، أحمد عزت (1979). أصول علم النفس. دار المعارف: القاهرة.
· زايد، نبيل محمد (2003). الدافعية والتعلم. مكتبة النهضة المصرية: القاهرة.
· زهران، حامد 01990). علم النفس الاجتماعي. ط5. عالم الكتب: القاهرة.
· السرطاوي، عبد العزيز والصمادي، أحمد (1996). مركز الضبط لدى المعوقين في دولة الإمارات العربية المتحدة على ضوء بعض المتغيرات. حولية كلية التربية. جامعة قطر. العدد13، ص ص417-432.
· العنزي، فلاح محروت (1999). مدخل إلى علم النفس الاجتماعي المعاصر. مطابع مداد: الرياض.
· عبد الله، أحمد وعسكر، علي (1994). مركز التحكم وعلاقته ببعض المتغيرات لدى طلبة جامعة الكويت. مجلة العلوم الإجتماعية، العدد42 .ص ص33-50.
· عثمان، سيد(1973). المسؤولية الاجتماعية، دراسة نفسية اجتماعية. مكتبة الأنجلو: القاهرة.
· الغامدي، حسين عبد الفتاح (2004). محاضرات في الدافعية. لطلاب مرحلة الدكتوراه.
· غازدا, ج. وكورسيني, ر(1986). نظريات التعلم:دراسة مقارنة. ترجمة: علي حجاج. سلسلة عالم المعرفة: الكويت.
· كفافي، علاء الدين (1982). مقياس وجهة الضبط، مكتبة الأنجلو:القاهرة.
· محمود، مصطفى محمد (1993). الفروق في بعض سمات الشخصية وأنواع التفكير المرتبطة بالأسلوب الإعزائي لدى عينة من طلاب الجامعة. التربية المعاصرة. العدد 27. ص ص 245 – 269.
· ملفين، روبرت و غروس، رتشارد(2002).مدخل إلى علم النفس الاجتماعي. ترجمة:ياسين حداد وآخرون، دار وائل : عمان.
· موراي، إدوارد (1988). الدافعية والانفعال: ترجمة أحمد عبد العزيز سلامة ومحمد عثمان نجاتي. دار الشروق: القاهرة.
· يزونر، روبرت (1999).بناء تقدير الذات. ترجمة: مدارس الظهران الأهلية. دار الكتاب التربوي للنشر والتوزيع: الدمام.

- Encarta, Reference Library 2003.sbject, Depression.
- Pajares, Frank(1999).”Current Directions in Self-efficacy Research”In M. Maehr & P. R. Pint rich (Eds.). Advances in motivation and achievement. Volume 10, (pp. 1-49). Greenwich, CT: JAI Press.
- Weiner, B. (1992). Human motivation: Metaphors, theories and research. Newbury Park, CA: Sage.
- Maslow.E.(1954)http://choo.fis.utoronto.ca/FIS/Courses/LIS1230/LIS1230sharma/history6.htm#hrmove
- Gottfried, Adele E)1990). Academic intrinsic motivation in young elementary school children. Journal of Educational Psychology. Sep Vol 82(3) 525-538
- Miserandino, Marianne (1996). Children who do well in school: Individual differences in perceived competence and autonomy in above-average children.Journal of Educational Psychology. Jun Vol 88(2) 203-214
- Dweck, Carol S. 1986. "Motivational processes affecting learning." American Psychological Association,Vol.4,No.10,pp1040-1048.

هناك تعليق واحد:

whitnyracey يقول...

What is a casino? | DrmCD
How 세종특별자치 출장마사지 does a casino work? · 진주 출장샵 In a casino, you will 경상북도 출장샵 receive a $20 free bonus 경상남도 출장안마 plus a 100% match up to $1000 when you bet $50 on a 광주광역 출장마사지 single game. · In a